لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما غير أولي الضرر قرئ بالحركات الثلاث ، فالرفع صفة لـ “القاعدون" ، والنصب استثناء منهم أو حال عنهم ، والجر صفة لـ “المؤمنين" والضرر : المرض ، أو العاهة من عمى أو عرج أو زمانة أو نحوها ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت : nindex.php?page=hadith&LINKID=674069كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة ، فوقعت فخذه على فخذي حتى خشيت أن ترضها ، ثم سري عنه فقال : "اكتب" فكتبت في كتف : "لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون" فقال nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم - وكان أعمى - : يا رسول الله ، وكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين . فغشيته السكينة كذلك ، ثم قال : اقرأ يا زيد ، فقرأت لا يستوي القاعدون من المؤمنين فقال : غير أولي الضرر قال زيد : أنزلها الله وحدها ، فألحقتها ، والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها [ ص: 133 ] عند صدع في الكتف ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا يستوي القاعدون عن
بدر والخارجون
[ ص: 134 ] [ ص: 135 ] إليها ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل : إلى
تبوك . فإن قلت : معلوم أن القاعد بغير عذر والمجاهد لا يستويان ، فما فائدة نفي الاستواء؟ قلت : معناه الإذكار بما بينهما من التفاوت العظيم والبون البعيد ، ليأنف القاعد ويترفع بنفسه عن انحطاط منزلته ، فيهتز للجهاد ويرغب فيه وفي ارتفاع طبقته ، ونحوه
هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون [الزمر : 9] أريد به التحريك من حمية الجاهل وأنفته ليهاب به إلى التعلم ، ولينهض بنفسه عن صفة الجهل إلى شرف العلم
فضل الله المجاهدين جملة موضحة لما نفي من استواء القاعدين والمجاهدين كأنه قيل : ما لهم لا يستوون ، فأجيب بذلك ، والمعنى على القاعدين غير أولى الضرر لكون الجملة بيانا للجملة الأولى المتضمنة لهذا الوصف
وكلا وكل فريق من القاعدين والمجاهدين
وعد الله الحسنى أي : المثوبة الحسنى وهي الجنة وإن كان
المجاهدون مفضلين على القاعدين درجة ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660542 "لقد خلفتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم" وهم الذين صحت نياتهم ونصحت
[ ص: 136 ] جيوبهم وكانت أفئدتهم تهوى إلى الجهاد ، وبهم ما يمنعهم من المسير من ضرر أو غيره . فإن قلت : قد ذكر الله تعالى مفضلين درجة ومفضلين درجات ، فمن هم؟ قلت : أما المفضلون درجة واحدة فهم الذين فضلوا على القاعدين الأضراء وأما المفضلون درجات فالذين فضلوا على القاعدين الذين أذن لهم في التخلف اكتفاء بغيرهم ، لأن الغزو فرض كفاية . فإن قلت : لم نصب "درجة" و "أجرا" و "درجات"؟ قلت : نصب قوله : "درجة" لوقوعها موقع المرة من التفضيل ، كأنه قيل : فضلهم تفضيلة واحدة ، ونظيره قولك : ضربه سوطا ، بمعنى ضربه ضربة ، وأما "أجرا" فقد انتصب بـ “ فضل" ، لأنه في معنى أجرهم أجرا و “ درجات" و “ مغفرة" و “ رحمة" بدل من "أجرا" ، ويجوز أن ينتصب "درجات" نصب درجة . كما تقول : ضربه أسواطا بمعنى ضربات ، كأنه قيل : وفضله تفضيلات ، ونصب
أجرا عظيما على أنه حال عن النكرة التي هي درجات مقدمة عليها ، وانتصب "مغفرة ورحمة" بإضمار فعلها بمعنى : وغفر لهم ورحمهم ، مغفرة ورحمة .