أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون إذا قرئ : "أولم يهد" بالياء ، كان
أن لو نشاء : مرفوعا بأنه فاعله ، بمعنى : أولم يهد للذين يخلفون من خلا قبلهم في ديارهم ، ويرثون أرضهم هذا الشأن ، وهو أنا لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ، كما أصبنا من قبلهم ، وأهلكنا الوارثين كما أهلكنا المورثين ، وإذا قرئ بالنون ، فهو منصوب ; كأنه قيل : أولم يهد الله للوارثين هذا الشأن ، بمعنى : أولم نبين لهم أنا
لو نشاء أصبناهم بذنوبهم : كما أصبنا من قبلهم ، وإنما عدى فعل الهداية باللام ; لأنه بمعنى التبيين .
فإن قلت : بم تعلق قوله تعالى :
ونطبع على قلوبهم ؟
[ ص: 481 ] قلت : فيه أوجه : أن يكون معطوفا على ما دل عليه معنى :
أولم يهد ; كأنه قيل : يغفلون عن الهداية ، ونطبع على قلوبهم ، أو على يرثون الأرض ، أو يكون منقطعا بمعنى : ونحن نطبع على قلوبهم .
فإن قلت : هل يجوز أن يكون : "ونطبع" بمعنى "وطبعنا" ، كما : "لو نشاء" بمعنى : لو شئنا ، ويعطف على أصبناهم؟
قلت : لا يساعد عليه المعنى ; لأن القوم كانوا مطبوعا على قلوبهم ، موصوفين بصفة من قبلهم من اقتراف الذنوب والإصابة بها ، وهذا التفسير يؤدي إلى خلوهم عن هذه الصفة ، وأن الله - تعالى- لو شاء لاتصفوا بها .