ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد
(
ولقد آتينا لقمان الحكمة ) يعني
لقمان بن باعوراء من أولاد آزر ابن أخت
أيوب أو خالته ، وعاش حتى أدرك
داود عليه الصلاة والسلام وأخذ منه العلم وكان يفتي قبل مبعثه ، والجمهور على أنه كان حكيما ولم يكن نبيا .
والحكمة في عرف العلماء : استكمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم النظرية ، واكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها . ومن حكمته أنه صحب
داود شهورا وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها فلما أتمها لبسها وقال : نعم لبوس الحرب أنت فقال : الصمت حكم وقليل فاعله ، وأن
داود عليه السلام قال له يوما كيف أصبحت فقال أصبحت في يدي غيري ، فتفكر
داود فيه فصعق صعقة . وأنه أمره بأن يذبح شاة ويأتي بأطيب مضغتين منها فأتى باللسان والقلب ، ثم بعد أيام أمره بأن يأتي بأخبث مضغتين منها فأتى بهما أيضا فسأله عن ذلك فقال : هما أطيب شيء
[ ص: 214 ]
إذا طابا وأخبث شيء إذا خبثا . (
أن اشكر لله ) لأن أشكر أو أي أشكر فإن إيتاء الحكمة في معنى القول . (
ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ) لأن نفعه عائد إليها وهو دوام النعمة واستحقاق مزيدها . (
ومن كفر فإن الله غني ) لا يحتاج إلى الشكر . (
حميد ) حقيق بالحمد وإن لم يحمد ، أو محمود ينطق بحمده جميع مخلوقاته بلسان الحال .