واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون
(
واضرب لهم ) ومثل لهم من قولهم هذه الأشياء على ضرب واحد أي مثال واحد ، وهو يتعدى إلى مفعولين لتضمنه معنى الجعل وهما : (
مثلا أصحاب القرية ) على حذف مضاف أي اجعل لهم مثل أصحاب القرية مثلا ، ويجوز أن يقتصر على واحد ويجعل المقدر بدلا من الملفوظ أو بيانا له ، والقرية أنطاكية . (
إذ جاءها المرسلون ) بدل من أصحاب القرية ، و (
المرسلون ) رسل
عيسى عليه الصلاة والسلام إلى أهلها وإضافته إلى نفسه في قوله : (
إذ أرسلنا إليهم اثنين ) لأنه فعل رسوله وخليفته وهما
يحيى ويونس ، وقيل غيرهما . (
فكذبوهما فعززنا ) فقوينا ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر مخففا من عزه إذا غلبه وحذف المفعول لدلالة ما قبله عليه ولأن المقصود ذكر المعزز به . (
بثالث ) وهو
شمعون . (
فقالوا إنا إليكم مرسلون ) وذلك أنهم كانوا عبدة أصنام فأرسل إليهم
عيسى عليه السلام اثنين ، فلما قربا من المدينة رأيا
حبيبا النجار يرعى غنما فسألهما فأخبراه فقال : أمعكما آية
[ ص: 265 ]
فقالا : نشفي المريض ونبرئ الأكمه والأبرص ، وكان له ولد مريض فمسحاه فبرأ فآمن
حبيب وفشا الخبر ، فشفي على أيديهما خلق كثير وبلغ حديثهما إلى الملك وقال لهما : ألنا إله سوى آلهتنا ؟ قالا : نعم من أوجدك وآلهتك قال حتى أنظر في أمركما فحبسهما ، ثم بعث
عيسى شمعون فدخل متنكرا وعاشر أصحاب الملك حتى استأنسوا به وأوصلوه إلى الملك فأنس به ، فقال له يوما : سمعت أنك حبست رجلين فهل سمعت ما يقولانه ، قال لا ، فدعاهما فقال
شمعون من أرسلكما قالا : الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك ، فقال صفاه وأوجزا ، قالا : يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، قال وما آيتكما ، قالا : ما يتمنى الملك ، فدعا بغلام مطموس العينين فدعوا الله حتى انشق له بصره ، وأخذا بندقتين فوضعاهما في حدقتيه فصارتا مقلتين ينظر بهما ، فقال
شمعون أرأيت لو سألت آلهتك حتى تصنع مثل هذا حتى يكون لك ولها الشرف ، قال ليس لي عنك سر آلهتنا لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع ، ثم قال إن قدر إلهكما على إحياء ميت آمنا به ، فأتوا بغلام مات منذ سبعة أيام فدعوا الله فقام وقال : ( إني أدخلت في سبعة أودية من النار وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا ، وقال فتحت أبواب السماء فرأيت شابا حسنا يشفع لهؤلاء الثلاثة فقال الملك من هم قال
شمعون وهذان فلما رأى
شمعون أن قوله قد أثر فيه نصحه فآمن في جمع ، ومن لم يؤمن صاح عليهم
جبريل عليه الصلاة والسلام فهلكوا .