يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم
34 -
يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس استعار الأكل للأخذ
بالباطل أي: بالرشا في الأحكام،
ويصدون سفلتهم
عن سبيل الله دينه
والذين يكنزون الذهب والفضة يجوز أن يكون إشارة إلى الكثير من الأحبار والرهبان، للدلالة على
[ ص: 677 ] اجتماع خصلتين ذميمتين فيهم: أخذ الرشا،
وكنز الأموال، والضن بها عن الإنفاق في سبيل الخير، ويجوز أن يراد: المسلمون الكانزون غير المنفقين، ويقرن بينهم وبين المرتشين من أهل الكتاب تغليظا. وعن النبي صلى الله عليه وسلم:
"ما أدي زكاته فليس بكنز وإن كان باطنا، وما بلغ أن يزكى فلم يزك فهو كنز وإن كان ظاهرا". ولقد كان كثير من الصحابة رضي الله عنهم
nindex.php?page=showalam&ids=38كعبد الرحمن بن عوف، وطلحة يقتنون الأموال، ويتصرفون فيها، وما عابهم أحد ممن أعرض عن القنية; لأن الإعراض اختيار للأفضل، والاقتناء مباح لا يذم صاحبه
ولا ينفقونها في سبيل الله الضمير راجع إلى المعنى; لأن كل واحد منهما دنانير ودراهم، فهو كقوله:
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا [الحجرات: 9] أو أريد به الكنوز والأموال، أو معناه: ولا ينفقونها والذهب. كما أن معنى قوله:
فإني وقيار بها لغريب
أي: وقيار كذلك، وخصا بالذكر من بين سائر الأموال; لأنهما قانون التمول، وأثمان الأشياء، وذكر كنزهما دليل على ما سواهما
فبشرهم بعذاب أليم