قوله عز وجل:
وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجإ يومئذ وما لكم من نكير فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور
قوله تعالى:
وما كان لهم من أولياء إنحاء على الأصنام والأوثان التي أظهر الكفار ولايتها، واعتقدوا ذلك دينا، المعنى: فما بالهم يوالون هذه التي لا تضر ولا تنفع، ولكن من يضلل الله فما له من سبيل هدى ونجاة.
ثم أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمرهم بالاستجابة لدعوة الله وشريعته، وحذرهم إتيان يوم القيامة الذي لا يرد أحد بعده إلى عمل، والذي لا ملجأ ولا منجى لأحد فيه، إلا إلى العلم بالله تعالى والعمل الصالح في الدنيا، فأخبرهم أنه لا ملجأ لهم ولا نكير،
[ ص: 528 ] و"النكير" مصدر بمعنى الإنكار، وهو بمنزلة "عذير الحي" ونحوه من المصادر، ويحتمل أن يكون من أبنية اسم الفاعل من "نكر"، وإن كان المعنى يبعد به، لأن "نكر" إنما معناه: لم يميز وظن الأمر غير ما عهد.
وقوله تعالى:
فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا تأنيس
لمحمد صلى الله عليه وسلم، وإزالة لهمه بهم، وأعلمه أنه ليس عليه إلا البلاغ إليهم وتوصيل الحجة، ثم جاءت عبارة في باقي الآية هي بمنزلة ما تقول: والقوم قوم عتو وتناقض أخلاق واضطراب، إذا أذيقوا رحمة فرحوا بها وبطروا، وإن تصيبهم سيئة أي: مصيبة- تسوؤهم في أجسادهم أو في نفوسهم -وذلك بذنوبهم وقبيح فعلهم- فإنهم كفر عند ذلك غير صبر، وعبر بالإنسان الذي هو اسم عام ليدخل في الآية المتقدمة جميع الكفرة من المجاورين يومئذ ومن غيرهم، وجمع الضمير في قوله تعالى:
"تصبهم" وهو عائد على لفظ "الإنسان" من حيث هو اسم جنس يعم كثيرا.