قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=29687_34092_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور nindex.php?page=treesubj&link=28723_34092_34103_34252_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير nindex.php?page=treesubj&link=28723_28859_29747_31791_34092_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم nindex.php?page=treesubj&link=19881_28742_30454_31011_32238_34092_34225_34226_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم nindex.php?page=treesubj&link=28657_29687_30347_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=53صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور
الآية الأولى آية اعتبار دالة على القدرة والملك المحيط بالخلق، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=28783مشيئته عز وجل نافذة في جميع خلقه، وفي كل أمرهم، وهذا لا مدخل لصنم فيه، فإن الذي
[ ص: 529 ] يخلق ما يشاء ويخترع إنما هو الله سبحانه، وهو الذي يقسم الخلق، فيهب الإناث لمن شاء أن يجعل نسله نساء، ويهب الذكور لمن شاء على هذا الحد، أو ينوعهم: مرة يهب ذكرا، ومرة أخرى أنثى، وذلك معنى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أو يزوجهم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية : يريد بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أو يزوجهم : التوأم، أي: يجعل في بطن زوجا من الذرية ذكرا وأنثى. و"العقيم": الذي لا يولد له، وهذا كله مدبر بالعلم والقدرة، وهذه الآية تقضي بفساد وجود الخنثى المشكل.
وبدأ تعالى في هذه الآية بذكر الإناث تأنيسا بهن وتشريفا لهن ليتهمم بصونهن والإحسان إليهن، وقال النبي عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661771 "من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له حجابا من النار"، وقال
وائل بن الأسقع: "من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، لأن الله تعالى بدأ بالإناث"، حكاه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=13968الثعلبي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11979إسحاق بن بشر : نزلت هذه الآية في الأنبياء عليهم السلام ثم عممت،
فلوط عليه السلام أبو البنات لم يولد له ذكر،
وإبراهيم عليه السلام ضده،
ومحمد عليه الصلاة والسلام ولد له الصنفان،
ويحيى بن زكريا عليهما السلام عقيم.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51وما كان لبشر الآية، نزلت بسبب خوض كان للكفار في معنى تكليم الله تعالى
موسى عليه السلام ونحو ذلك، ذهبت
قريش واليهود في ذلك إلى تجسيم ونحوه، فنزلت الآية مبينة صورة تكليم الله تبارك وتعالى عباده كيف هو، فبين تعالى أنه لا يكون لأحد من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا ينبغي له ولا يمكن فيه أن يكلمه الله تبارك وتعالى إلا بأن
[ ص: 530 ] يوحي إليه أحد وجوه الوحي من الإلهام. قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : والنفث في القلب، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15426النقاش : أو وحي في منام؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : كان من الأنبياء عليهم السلام من يخط له في الأرض ونحو هذا، أو بأن يسمعه كلامه دون أن يعرف هو للمتكلم جهة ولا خبرا
كموسى عليه السلام، وهذا معنى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51من وراء حجاب أي: من خفاء عن المتكلم لا يحده ولا يتصور بذهنه عليه، وليس كالحجاب في الشاهد، أو بأن يرسل إليه ملكا يشافهه بوحي الله تبارك وتعالى.
وقرأ جمهور القراء والناس: "أو يرسل" بالنصب،
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51 "فيوحي" بالنصب أيضا. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ، وأهل
المدينة: "أو يرسل" بالرفع "فيوحي" بسكون الياء ورفع الفعل، فأما القراءة الأولى فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل عنها فقال: هي محمولة على "أن" غير التي في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51أن يكلمه الله لأن المعنى كان يفسد لو عطف على هذه، وإنما التقدير في قوله تعالى: "وحيا": "إلا أن يوحي وحيا"، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51أو من وراء حجاب ، "من" متعلقة بفعل يدل ظاهر الكلام عليه، تقديره: أو يكلمه من وراء حجاب، ثم عطف تعالى: "أو يرسل" على هذا الفعل المقدر، وأما القراءة الثانية فعلى أن "يرسل" في موضع الحال أو على القطع، كأنه تعالى قال: "أو هو يرسل"، وكذلك يكون قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51 "إلا وحيا" مصدر في موضع الحال، كما تقول: أتيتك ركضا وعدوا، وكذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51من وراء حجاب في موضع الحال أيضا، كما هو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين في موضع الحال، فكذلك "من" وما عملت فيه هذه الآية أيضا، ثم عطف قوله تعالى: "أو يرسل" على هذه الحال المتقدمة، وفي هذه الآية دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28752الرسالة من أنواع التكليم، وأن الحالف المرسل حانث
nindex.php?page=treesubj&link=26602_16530_16535إذا حلف ألا يكلم إنسانا فأرسل وهو لا ينوي المشافهة وقت يمينه.
قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وكذلك أوحينا إليك المعنى: وبهذه الطرق ومن هذا الجنس أوحينا
[ ص: 531 ] إليك، أي: كالرسل. و"الروح" في هذه الآية: القرآن وهدى الشريعة، سماه روحا من حيث يحيي به البشر والعالم، كما يحيي الجسد بالروح، فهذا على جهة التشبيه، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52من أمرنا أي: واحد من أمورنا، ويحتمل أن يكون "الأمر" بمعنى الكلام، و"من" لابتداء الغاية، وقوله تعالى: و
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان توقيف على مقدار النعمة، والضمير في: "جعلناه" عائد على "الكتاب"، و"نهدي" معناه: نرشد، وقرأ جمهور الناس:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52 "وإنك لتهدي" بفتح التاء وكسر الدال. وقرأ
حوشب: "وإنك لتهدى" بضم التاء وفتح الدال على بناء الفعل للمفعول، وفي حرف
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي: "وإنك لتدعو" ، وهي تعضد قراءة الجمهور، وقرأ
ابن السميفع، وعاصم الجحدري: "وإنك لتهدي" بضم التاء وكسر الدال.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=53صراط الله يعني: صراط شرع الله تعالى ورحمته، فبهذا الوجه ونحوه من التقدير أضيف الصراط إلى الله تعالى، واستفتح تعالى القول في الإخبار بصيرورة الأمور إلى الله تعالى مبالغة وتحقيقا وتثبيتا، والأمور صائرة على الدوام إلى الله تعالى، ولكن جاءت هذه العبارة مستقبلة تقريعا لمن في ذهنه أن شيئا من الأمور إلى البشر، وقال
سهل ابن أبي الجعد: احترق مصحف، فلم يبق منه إلا قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=53ألا إلى الله تصير الأمور .
كمل تفسير سورة الشورى والحمد لله رب العالمين.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=29687_34092_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ nindex.php?page=treesubj&link=28723_34092_34103_34252_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ nindex.php?page=treesubj&link=28723_28859_29747_31791_34092_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=19881_28742_30454_31011_32238_34092_34225_34226_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مِنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=treesubj&link=28657_29687_30347_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=53صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ
الْآيَةُ الْأَوْلَى آيَةُ اعْتِبَارٍ دَالَّةٍ عَلَى الْقُدْرَةِ وَالْمُلْكِ الْمُحِيطِ بِالْخَلْقِ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28783مَشِيئَتَهُ عَزَّ وَجُلَّ نَافِذَةٌ فِي جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَفِي كُلِّ أَمْرِهِمْ، وَهَذَا لَا مَدْخَلَ لِصَنَمٍ فِيهِ، فَإِنَّ الَّذِي
[ ص: 529 ] يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَرِعُ إِنَّمَا هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَهُوَ الَّذِي يُقَسَّمُ الْخَلْقَ، فَيَهَبُ الْإِنَاثَ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ نَسْلَهُ نِسَاءً، وَيَهَبُ الذُّكُورَ لِمَنْ شَاءَ عَلَى هَذَا الْحَدِّ، أَوْ يُنَوِّعَهُمْ: مَرَّةً يَهَبُ ذَكَرًا، وَمَرَّةً أُخْرَى أُنْثَى، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12691مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةَ : يُرِيدُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أَوْ يُزَوِّجُهُمْ : التَّوْأَمُ، أَيْ: يَجْعَلُ فِي بَطْنٍ زَوْجًا مِنَ الذُّرِّيَّةِ ذَكَرًا وَأُنْثَى. وَ"الْعَقِيمُ": الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ مُدَبَّرٌ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ تَقْضِي بِفَسَادِ وُجُودِ الْخُنْثَى الْمُشَكَّلِ.
وَبَدَأَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِذِكْرِ الْإِنَاثِ تَأْنِيسًا بِهِنَّ وَتَشْرِيفًا لَهُنَّ لِيُتَهَمَّمَ بِصَوْنِهِنَّ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِنَّ، وَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661771 "مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ"، وَقَالَ
وَائِلُ بْنُ الْأَسْقَعِ: "مَنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَبْكِيرُهَا بِالْأُنْثَى قَبْلَ الذَّكَرِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ بِالْإِنَاثِ"، حَكَاهُ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13968الثَّعْلَبِيُّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11979إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ثُمَّ عُمِّمَتْ،
فَلُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَبُو الْبَنَاتِ لَمْ يُولَدْ لَهُ ذَكَرٌ،
وَإِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ضِدَّهُ،
وَمُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وُلِدَ لَهُ الصِّنْفَانِ،
وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ عَقِيمٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ الْآيَةُ، نَزَلَتْ بِسَبَبِ خَوْضٍ كَانَ لِلْكُفَّارِ فِي مَعْنَى تَكْلِيمِ اللَّهِ تَعَالَى
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، ذَهَبَتْ
قُرَيْشٌ وَالْيَهُودُ فِي ذَلِكَ إِلَى تَجْسِيمٍ وَنَحْوَهُ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ مُبَيِّنَةً صُورَةَ تَكْلِيمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِبَادَهُ كَيْفَ هُوَ، فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ وَلَا يُمْكِنُ فِيهِ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَّا بِأَنْ
[ ص: 530 ] يُوحِي إِلَيْهِ أَحَدَ وُجُوهِ الْوَحْيِ مِنَ الْإِلْهَامِ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : وَالنَّفْثُ فِي الْقَلْبِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15426النَّقَّاشُ : أَوْ وَحْيٌ فِي مَنَامٍ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إِبْرَاهِيمُ النَّخْعِيُّ : كَانَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مَنْ يَخُطُّ لَهُ فِي الْأَرْضِ وَنَحْوَ هَذَا، أَوْ بِأَنْ يُسْمِعَهُ كَلَامُهُ دُونَ أَنْ يَعْرِفَ هُوَ لِلْمُتَكَلِّمِ جِهَةً وَلَا خَبَرًا
كَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهَذَا مَعْنَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَيْ: مِنْ خَفَاءٍ عَنِ الْمُتَكَلِّمِ لَا يَحُدُّهُ وَلَا يَتَصَوَّرُ بِذِهْنِهِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَالْحِجَابِ فِي الشَّاهِدِ، أَوْ بِأَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِ مَلِكًا يُشَافِهُهُ بِوَحْيِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
وَقَرَأَ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ وَالنَّاسِ: "أَوْ يُرْسِلَ" بِالنَّصْبِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51 "فَيُوحِيَ" بِالنَّصْبِ أَيْضًا. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ ، وَأَهْلُ
الْمَدِينَةِ: "أَوْ يُرْسِلُ" بِالرَّفْعِ "فَيُوحِي" بِسُكُونِ الْيَاءِ وَرَفْعِ الْفِعْلِ، فَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الْأُولَى فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : سَأَلَتُ
nindex.php?page=showalam&ids=14248الْخَلِيلَ عَنْهَا فَقَالَ: هِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى "أَنْ" غَيْرَ الَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ الْمَعْنَى كَانَ يَفْسَدُ لَوْ عَطَفَ عَلَى هَذِهِ، وَإِنَّمَا التَّقْدِيرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَحْيًا": "إِلَّا أَنْ يُوحِيَ وَحْيًا"، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، "مِنْ" مُتَعَلِّقَةً بِفِعْلٍ يَدُلُّ ظَاهِرُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، تَقْدِيرُهُ: أَوْ يُكَلِّمُهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، ثُمَّ عَطَفَ تَعَالَى: "أَوْ يُرْسِلَ" عَلَى هَذَا الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الثَّانِيَةُ فَعَلَى أَنْ "يُرْسِلُ" فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَوْ عَلَى الْقَطْعِ، كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: "أَوْ هُوَ يُرْسِلُ"، وَكَذَلِكَ يَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51 "إِلا وَحْيًا" مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، كَمَا تَقُولُ: أَتَيْتُكَ رَكْضًا وَعَدْوًا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْضًا، كَمَا هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَمِنَ الصَّالِحِينَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، فَكَذَلِكَ "مِنَ" وَمَا عَمِلْتُ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا، ثُمَّ عَطَفَ قَوْلَهُ تَعَالَى: "أَوْ يُرْسِلُ" عَلَى هَذِهِ الْحَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28752الرِّسَالَةَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّكْلِيمِ، وَأَنَّ الْحَالِفَ الْمُرْسِلَ حَانِثٌ
nindex.php?page=treesubj&link=26602_16530_16535إِذَا حَلِفَ أَلَّا يُكَلِّمَ إِنْسَانًا فَأَرْسَلَ وَهُوَ لَا يَنْوِي الْمُشَافَهَةَ وَقْتَ يَمِينِهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ الْمَعْنَى: وَبِهَذِهِ الطُّرُقِ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ أَوْحَيْنَا
[ ص: 531 ] إِلَيْكَ، أَيْ: كَالرُّسُلِ. وَ"الرُّوحُ" فِي هَذِهِ الْآيَةِ: الْقُرْآنُ وَهُدَى الشَّرِيعَةِ، سَمَّاهُ رُوحًا مِنْ حَيْثُ يُحْيِي بِهِ الْبَشَرَ وَالْعَالَمَ، كَمَا يُحْيِي الْجَسَدَ بِالرُّوحِ، فَهَذَا عَلَى جِهَةِ التَّشْبِيهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52مِنْ أَمْرِنَا أَيْ: وَاحِدٌ مِنْ أُمُورِنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ "الْأَمْرُ" بِمَعْنَى الْكَلَامِ، وَ"مِنْ" لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ تَوْقِيفٌ عَلَى مِقْدَارِ النِّعْمَةِ، وَالضَّمِيرُ فِي: "جَعَلْنَاهُ" عَائِدٌ عَلَى "الْكِتَابِ"، وَ"نَهْدِي" مَعْنَاهُ: نُرْشِدْ، وَقَرَأَ جُمْهُورُ النَّاسِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52 "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي" بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الدَّالِّ. وَقَرَأَ
حَوْشَبُ: "وَإِنَّكَ لَتُهْدَى" بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِّ عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ، وَفِي حَرْفِ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ: "وَإِنَّكَ لَتَدْعُوَ" ، وَهِيَ تُعَضِّدُ قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ، وَقَرَأَ
ابْنُ السُّمَيْفَعِ، وَعَاصِمُ الْجَحْدَرِيُّ: "وَإِنَّكَ لَتُهْدِيَ" بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الدَّالِّ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=53صِرَاطِ اللَّهِ يَعْنِي: صِرَاطُ شَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ، فَبِهَذَا الْوَجْهِ وَنَحْوَهُ ٍمِنَ التَّقْدِيرِ أُضِيفَ الصِّرَاطُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَاسْتَفْتَحَ تَعَالَى الْقَوْلَ فِي الْإِخْبَارِ بِصَيْرُورَةِ الْأُمُورِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مُبَالِغَةً وَتَحْقِيقًا وَتَثْبِيتًا، وَالْأُمُورُ صَائِرَةُ عَلَى الدَّوَامِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ جَاءَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُسْتَقْبِلَةً تَقْرِيعًا لِمَنْ فِي ذِهْنِهِ أَنَّ شَيْئًا مِنَ الْأُمُورِ إِلَى الْبَشَرِ، وَقَالَ
سَهْلُ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ: احْتَرَقَ مُصْحَفٌ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=53أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ .
كَمُلَ تَفْسِيرُ سُورَةِ الشُّورَى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.