قوله عز وجل:
إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم [ ص: 316 ] هذا أيضا شرط وجواب والجواب في الفاء من قوله: "فقد" وفيما بعدها، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15426النقاش : هذه أول آية نزلت من سورة التوبة، ومعنى الآية: إنكم إن تركتم نصره فالله متكفل به، إذ قد نصره في موضع القلة والانفراد وكثرة العدو، فنصره إياه اليوم أحرى منه حينئذ. وقوله:
إذ أخرجه الذين كفروا يريد: فعلوا من الأفاعيل ما أدى إلى خروجه، وأسند الإخراج إليهم إذ المقصود تذنيبهم، ولما كان مقصد
nindex.php?page=showalam&ids=9809أبي سفيان بن الحارث الفخر في قوله: "من طردت كل مطرد" لم يقرره النبي صلى الله عليه وسلم، والإشارة إلى خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من
مكة إلى
المدينة ، وفي صحبته
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه ، واختصار القصة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينتظر أمر الله عز وجل في الهجرة من مكة ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه حين ترك ذمة ابن الدغنة قد أراد الخروج من مكة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصبر فلعل الله أن يسهل في الصحبة" ، فلما أذن الله لرسوله في الخروج تجهز من دار nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر وخرجا فبقيا في الغار الذي في جبل ثور في غربي مكة ثلاث ليال، وخرج المشركون في أثرهم حتى انتهوا إلى الغار، فطمس عليهم الأثر، وقال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: "لو نظر أحدهم إلى قدمه لرآنا"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما"؟. ويروى أن العنكبوت نسجت على باب الغار، ويروى أن الحمامة عششت عند باب الغار، ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر رضي الله عنه أن يجعل ثماما في باب الغار فتخيله المشركون نابتا وصرفهم الله عنه، ووقع في "الدلائل" في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نبتت على باب الغار "راءة" أمرها الله بذلك في الحين، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : جمعها "راء" وهي من نبات السهل.
وروي
أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر رضي الله عنه لما دخل الغار خرق رداءه فسد به كواء الغار لئلا يكون فيها حيوان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، وروي أنه بقيت واحدة فسدها برجله فوقى الله تعالى، وكان يروح عليهما باللبن
عامر بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنه.
[ ص: 317 ] وقوله:
ثاني اثنين معناه: أحد اثنين، وهذا كثالث ثلاثة ورابع أربعة، فإذا اختلف اللفظ فقلت: "رابع ثلاثة فالمعنى: صير الثلاثة بنفسه أربعة، وقرأ جمهور الناس: "ثاني اثنين" بنصب الياء من "ثاني" . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم : لا يعرف غير هذا، وقرأت فرقة: "ثاني اثنين" بسكون الياء من "ثاني"، قال
أبو الفتح: حكاها
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بن العلاء ، ووجهه أنه سكن الياء تشبيها لها بالألف.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهذه كقراءة: "ما بقي من الربا" وكقول
جرير :
هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم ... ماضي العزيمة ما في حكمه جنف
وصاحبه
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه، وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق قال يوما وهو على المنبر: أيكم يحفظ سورة التوبة؟ فقال رجل: أنا، فقال: اقرأ، فقرأ، فلما انتهى إلى قوله تعالى:
إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا بكى وقال: أنا والله صاحبه، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : ما صحب الأنبياء مثل
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة : خرج
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه بهذه الآية من المعاتبة التي في قوله تعالى:
إلا تنصروه .
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
أقول: بل خرج منها كل من شاهد غزوة
تبوك ولم يتخلف، وإنما المعاتبة لمن تخلف فقط، أما إن هذه الآية منوهة
nindex.php?page=showalam&ids=1بأبي بكر حاكمة بتقدمه وسابقته في الإسلام رضي الله عنه.
وقوله:
إن الله معنا يريد به النصر والإنجاء واللطف، وقوله تعالى:
فأنزل الله سكينته عليه الآية، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت : الضمير في "عليه"
[ ص: 318 ] عائد على
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل ساكن النفس ثقة بالله عز وجل.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول من لم ير السكينة إلا سكون النفس والجأش، وقال جمهور الناس: الضمير عائد على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أقوى، والسكينة عندي إنما هي ما ينزل الله على أنبيائه من الحياطة لهم والخصائص التي لا تصلح إلا لهم، كقوله تعالى:
فيه سكينة من ربكم ، ويحتمل أن يكون قوله:
فأنزل الله سكينته إلى آخر الآية يراد به ما صنعه الله لنبيه إلى وقت تبوك من الظهور والفتوح، لا أن تكون هذه الآية تختص بقصة الغار والنجاة إلى
المدينة، فعلى هذا تكون الجنود الملائكة النازلين ببدر وحنين، ومن رأى أن الآية مختصة بتلك القصة قال: الجنود: ملائكة بشروه بالنجاة وبأن الكفار لا ينجح لهم سعي، وفي مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة رضي الله عنها: "فأنزل الله سكينته عليهما وأيدهما" ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : "وآيده" بألفين، والجمهور: "وأيده" بشد الياء.
وقوله تعالى:
وجعل كلمة الذين كفروا السفلى يريد بإدحارها ودحضها وإذلالها،
وكلمة الله هي العليا قيل: يريد: "لا إله إلا الله"، وقيل: الشرع بأسره، وقرأ جمهور الناس: "وكلمة" بالرفع على الابتداء، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب: "وكلمة" بالنصب على تقدير: "وجعل كلمة"، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : ورأيت في مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك المنسوب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : "وجعل كلمته هي العليا" .