[ ص: 468 ] قوله عز وجل:
وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب
"سبيل الله" هنا: الجهاد، واللفظ يتناول بعد- جميع سبله.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة ، وقوم: الباء في قوله: "بأيديكم" زائدة. التقدير: "تلقوا أيديكم".
وقال الجمهور: ذلك ضرب مثل. تقول: ألقى فلان بيده في أمر كذا إذا استسلم، لأن المستسلم في القتال يلقي سلاحه بيده، فكذلك فعل كل عاجز في أي فعل كان، ومنه قول
عبد المطلب : "والله إن إلقاءنا بأيدينا إلى الموت لعجز".
وقال قوم: التقدير: لا تلقوا أنفسكم بأيديكم، كما تقول: لا تفسد حالك برأيك.
و "التهلكة" بضم اللام مصدر من هلك. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل : "التهلكة" بكسر اللام، وهي مفعلة من هلك بشد اللام.
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري أنه كان على
القسطنطينية فحمل رجل على عسكر العدو، فقال قوم: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=50أبو أيوب : لا. إن هذه الآية
[ ص: 469 ] نزلت في
الأنصار حين أرادوا -لما ظهر الإسلام- أن يتركوا الجهاد، ويعمروا أموالهم، وأما هذا فهو الذي قال الله فيه:
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ، وجمهور الناس: المعنى: لا تلقوا بأيديكم بأن تتركوا النفقة في سبيل الله، وتخافوا العيلة، فيقول الرجل: ليس عندي ما أنفق.
وقال قوم: المعنى، لا تقنطوا من التوبة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16536وعبيدة السلماني : الآية في الرجل يقول: قد بلغت في المعاصي، فلا فائدة في التوبة، فينهمك بعد ذلك.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : المعنى: لا تسافروا في الجهاد بغير زاد، وقد كان فعل ذلك قوم فأداهم ذلك إلى الانقطاع في الطريق، أو الكون عالة على الناس.
وقوله: "وأحسنوا" قيل: معناه: في أعمالكم بامتثال الطاعات، وروي ذلك عن بعض الصحابة .
وقيل: المعنى: وأحسنوا في الإنفاق في سبيل الله، وفي الصدقات، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : المعنى: وأحسنوا الظن بالله.
[ ص: 470 ] وقوله تعالى:
وأتموا الحج والعمرة لله قال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، وغيرهما: إتمامهما ألا يفسخا، وأن تتمهما إذا بدأت بهما. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك، وفعله
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : إتمامهما أن تخرج قاصدا لهما، لا لتجارة، ولا لغير ذلك، ويؤيد هذا قوله: "لله" وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد : إتمامهما أن تحرم بالعمرة وتقضيها في غير أشهر الحج، وأن تتم الحج دون نقص ولا جبر بدم.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا مبني على أن الدم في الحج والعمرة جبر نقص، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجماعة من العلماء.
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابه يرون أن كثرة الدم كمال وزيادة، وكلما كثر عندهم لزوم الدم فهو أفضل، واحتجوا بأنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=663127ما أفضل الحج؟ فقال: العج والثج nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ومن قال بقوله يراه ثج التطوع. وقالت فرقة: إتمامهما أن تفرد كل واحدة من حجة وعمرة ولا تقرن، وهذا على أن الإفراد أفضل. وقالت فرقة: القرآن أفضل وذلك هو الإتمام عندهم. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16588وعلقمة ،
وإبراهيم ، وغيرهم: إتمامهما أن تقضي مناسكهما كاملة بما كان فيها من دماء.
وفروض الحج: النية، والإحرام، والطواف المتصل بالسعي، والسعي بين
الصفا والمروة عندنا، خلافا
لأبي حنيفة ، والوقوف
بعرفة ، والجمرة على قول
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون .
وأما أعمال العمرة: فنية وإحرام، وطواف وسعي،
واختلف في فرض العمرة.
فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله: هي سنة واجبة لا ينبغي أن تترك كالوتر، وهي عندنا مرة
[ ص: 471 ] واحدة في العام وهذا قول جمهور أصحابه.
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر في "الإشراف" عن أصحاب الرأي أنها عندهم غير واجبة.
وحكى بعض القرويين والبغداديين عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه يوجبها كالحج، وبأنها سنة. قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وجمهور من العلماء، وأسند
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري النص على ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وجماعة تابعين أنها واجبة كالفرض، وقاله
ابن الجهم من المالكيين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق : الحج والعمرة فرض، نزلت العمرة من الحج منزلة الزكاة من الصلاة.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ،
وأبو حيوة : "والعمرة لله" برفع العمرة على القطع والابتداء. وقرأ
ابن أبي إسحاق : "الحج" بكسر الحاء، وفي مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "وأتموا الحج والعمرة إلى البيت لله"، وروي عنه: "وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت"، وروي غير هذا مما هو كالتفسير.
وقوله تعالى:
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة ،
وعروة بن [ ص: 472 ] الزبير ، وغيرهما: الآية فيمن أحصر بالمرض لا بالعدو. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره بعكس ذلك، والمشهور من اللغة: أحصر بالمرض وحصر بالعدو، وفي "المجمل"
لابن فارس : حصر بالمرض وأحصر بالعدو. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : هما بمعنى واحد في المرض والعدو.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
والصحيح أن "حصر" إنما هي فيما حاط وجاور، فقد يحصر العدو والماء ونحوه، ولا يحصر المرض. وأحصر معناه: جعل الشيء ذا حصر كأقبر وأحمى وغير ذلك، فالمرض والماء والعدو وغير ذلك قد يكون محصرا لا حاصرا، ألا ترى أن العدو كان محصرا في عام
الحديبية ؟ وفي ذلك نزلت هذه الآية عند جمهور أهل التأويل. وأجمع جمهور الناس على أن
المحصر بالعدو يحل حيث أحصر وينحر هديه إن كان ثم هدي ويحلق رأسه. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
وإبراهيم : يبعث بهديه إن أمكنه، فإذا بلغ محله صار حلالا، ولا قضاء عليه عند الجميع، إلا أن يكون ضرورة فعليه حجة الإسلام. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون : ليست عليه حجة الإسلام وقد قضاها حين أحصر، وهذا ضعيف لا وجه له. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب : يهدي المحصر بعدو هديا من أجل الحصر. . وقال
ابن القاسم : لا يهدي شيئا إلا إن كان معه هدي فأراد نحره، ذكره
ابن أبي زيد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء وغيره: المحصر بالمرض كالمحصر بالعدو.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله وجمهور من العلماء:
المحصر بالمرض لا يحله إلا البيت ، ويقيم حتى [ ص: 473 ] يفيق وإن أقام سنين، فإذا وصل
البيت بعد فوت الحج قطع التلبية في أوائل الحرم وحل بعمرة، ثم تكون عليه حجة قضاء، وفيها يكون الهدي، وقيل: إن الهدي يجب في وقت الحصر أولا. ولم ير
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من أحصره المرض داخلا في هذه الآية، وقال: إن المريض إن لم يكن معه هدي حل حيث حبس، وإن كان معه هدي لم يحل حتى يبلغ الهدي محله ثم لا قضاء عليه. قال: وإنما قال الله:
فإذا أمنتم ، والأمن إنما هو من العدو فليس المريض في الآية.
و "ما" في موضع رفع، أي فالواجب، أو فعليكم ما استيسر، ويحتمل أن تكون في موضع نصب، أي فانحروا، أو فاهدوا.
و
فما استيسر -عند جمهور أهل العلم-: شاة، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير : "ما استيسر": جمل دون جمل، وبقرة دون بقرة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : أعلى الهدي بدنة، وأوسطه بقرة، وأخسه شاة.
و"الهدي": جمع هدية كجدية السرج، وهي البراد جمعها جدي. ويحتمل أن يكون "الهدي" مصدرا سمي به كالرهن ونحوه، فيقع للإفراد وللجمع. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بن العلاء : لا أعرف لهذه اللفظة نظيرا.
وقوله تعالى:
ولا تحلقوا رءوسكم الآية، الخطاب لجميع الأمة: محصر ومخلى: ومن العلماء من يراها للمحصرين خاصة.
[ ص: 474 ] ومحل الهدي حيث يحل نحره، وذلك لمن لم يحصر
بمنى ، ولمن أحصر بعدو حيث أحصر إذا لم يمكن إرساله.
وأما المريض فإن كان له هدي فيرسله إلى محله.
والترتيب: أن يرمي الحاج الجمرة، ثم ينحر، ثم يحلق، ثم يطوف طواف الإفاضة، فإن نحر رجل قبل الرمي أو حلق قبل النحر فلا حرج حسب الحديث ولا دم. وقال قوم: لا حرج في الحج ولكن يهرق دما. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12873عبد الملك بن الماجشون - من أصحابنا -:
إذا حلق قبل أن ينحر فليهد. وإن حلق رجل قبل أن يرمي فعليه دم قولا واحدا في المذهب. قال
nindex.php?page=showalam&ids=12927ابن المواز ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ويمر الموسى على رأسه بعد الرمي، ولا دم في ذلك عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وجماعة معه. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
وأبو حيوة : "الهدي" بكسر الدال وشد الياء في الموضعين واحدته هدية، ورويت هذه القراءة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم .
وقوله تعالى:
فمن كان منكم مريضا الآية، والمعنى: فحلق لإزالة الأذى "ففدية"، وهذا هو فحوى الخطاب عند أكثر الأصوليين.
nindex.php?page=hadith&LINKID=659090ونزلت هذه الآية في nindex.php?page=showalam&ids=167كعب بن عجرة حين رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه يتناثر قملا فأمره بالحلاق ، ونزلت الرخصة.
و "فدية" رفع على خبر الابتداء.
والصيام عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
وإبراهيم ، وغيرهم، وجميع أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ثلاثة أيام. والصدقة: ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، وذلك مدان بمد
[ ص: 475 ] النبي صلى الله عليه وسلم، والنسك: شاة بإجماع، ومن ذبح أفضل منها فهو أفضل.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة : الصيام عشرة أيام، والإطعام عشرة مساكين. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : "أو نسك" بسكون السين. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد : النسك: شاة، فإن لم يجدها فقيمتها يشترى بها طعام فيطعم منه مدان لكل مسكين، فإن لم يجد القيمة عرفها، وعرف ما يشترى بها من الطعام، وصام عن كل مدين يوما.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ذلك كله حيث شاء، وقاله
إبراهيم ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه، إلا
ابن الجهم فإنه قال: لا يكون النسك إلا
بمكة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء -في بعض ما روي عنه- وأصحاب الرأي: النسك
بمكة ، والصيام والإطعام حيث شاء. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاووس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء أيضا،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : النسك والإطعام
بمكة ، والصيام حيث شاء. والمفتدي مخير في أي هذه الثلاثة شاء، وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره في كل ما في القرآن، أو فإنه على التخيير.
وقوله تعالى:
فإذا أمنتم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة : المعنى: إذا برئتم من مرضكم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، وغيرهما: إذا أمنتم من خوفكم من العدو المحصر، وهذا أشبه باللفظ، إلا أن يتخيل الخوف من المرض، فيكون الأمن منه.
وقوله تعالى:
فمن تمتع بالعمرة إلى الحج الآية.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16588وعلقمة ،
وإبراهيم : الآية في المحصرين دون المخلى سبيلهم،
وصورة المتمتع عند
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير أن يحصر الرجل حتى يفوته الحج، ثم يصل إلى البيت، فيحل بعمرة، ويقضي الحج من قابل، فهذا قد تمتع بما بين العمرة إلى حج القضاء. وصورة المتمتع المحصر عند غيره أن يحصر فيحل دون عمرة ويؤخرها حتى يأتي من قابل فيعتمر في أشهر الحج ويحج من عامه.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وجماعة من العلماء: الآية في المحصرين وغيرهم ممن خلي سبيله. وصورة المتمتع أن تجتمع فيه ستة شروط: أن يكون معتمرا في أشهر الحج،
[ ص: 476 ] وهو من غير حاضري
المسجد الحرام ، ويحل، وينشئ الحج من عامه ذلك، دون رجوع إلى وطنه، أو ما ساواه بعدا. هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه.
واختلف لم سمي متمتعا؟ فقال
ابن القاسم : لأنه تمتع بكل ما لا يجوز للمحرم فعله، من وقت حله في العمرة إلى وقت إنشائه الحج، وقال غيره: سمي متمتعا لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين، وذلك أن حق العمرة أن تقصد بسفرة، وحق الحج كذلك، فلما تمتع بإسقاط أحدهما ألزمه الله هديا، كالقارن الذي يجمع الحج والعمرة في سفر واحد.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهذه شدة على القادم
مكة من سائر الأقطار لما أسقط سفرا، والمكي لا يقتضي حاله سفرا، في عمرة ولا حج، لأنه في بقعة الحج. فلم يلزم شيئا لأنه لم يسقط شيئا، ومن قال إن اسم التمتع وحكمه إنما هو من جهة التمتع بالنساء والطيب وغير ذلك، فيرد عليه أنه يستغرق قوله:
فمن تمتع بالعمرة إلى الحج المكي وغيره على السواء في القياس، فكيف يشتد مع ذلك على الغريب الذي هو أعذر، ويلزم هديا ولا يفعل ذلك بالمكي؟ فيترجح بهذا النظر أن التمتع إنما هو من أجل إسقاط أحد السفرين. إلا أن
أبا عبيد قال -في كتاب الناسخ والمنسوخ له-: إن العمرة في أشهر الحج ممنوعة للمكي، لا تجوز له، ورخص الله تعالى للقادم، لطول بقائه محرما، وقرن الرخصة بالهدي.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهذه شدة على أهل
مكة ، وبهذا النظر يحسن أن يكون التمتع من جهة استباحة ما لا يجوز للمحرم، لكنه قول شاذ لا يعول عليه.
وجل الأمة على جواز العمرة في أشهر الحج للمكي، ولا دم عليه، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القولين عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، واستند إليه في الذي وافقه، وقد حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس [ ص: 477 ] وقال: إنه قال: يا أهل
مكة ، لا متعة لكم، إن الله قد أحلها لأهل الآفاق، وحرمها عليكم، إنما يقطع أحدكم واديا ثم يحرم بعمرة، فمعنى هذا أنهم متى أحرموا داموا إلى الحج.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : المتمتع هو الذي يفسخ الحج في العمرة، وذلك لا يجوز عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم حديث
سراقة بن مالك . قال:
قلت: يا رسول الله. فسخ الحج في العمرة; ألنا خاصة أم للأبد؟ فقال: "بل لأبد أبد"
وإنما شرط في المتمتع أن يحل في أشهر الحج، لأنها مدة يملكها الحج، فمن كان فيها محرما فحقه أن يصل الإحرام إلى الحج. وفي كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم إيعاب الأحاديث في هذا المعنى، ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر : إن متعة النساء ومتعة الحج خاصتان لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : من اعتمر في غير أشهر الحج ثم أقام حتى حج من عامه فهو متمتع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن : "من اعتمر بعد يوم النحر في بقية
[ ص: 478 ] العام فهو متمتع". وهذان قولان شاذان لم يوافقهما أحد من العلماء. وتقدم القول فيما استيسر من الهدي.