وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا وإذا تتلى عليهم ... الآية إلى آخرها. حكاية لما قالوا عند سماع الآيات الناعية عليهم فظاعة حالهم، ووخامة مآلهم، أي: وإذا تتلى على المشركين.
آياتنا التي من جملتها هاتيك الآيات الناطقة بحسن حال المؤمنين، وسوء حال الكفرة، وقوله تعالى:
بينات أي: مرتلات الألفاظ، مبينات المعاني بنفسها، أو ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بينات الإعجاز. حال مؤكدة من آياتنا.
قال الذين كفروا أي: قالوا. ووضع الموصول موضع الضمير للتنبيه على أنهم قالوا ما قالوا، كافرين بما يتلى عليهم رادين له، أو قال الذين مردوا منهم على الكفر، ومرنوا على العتو والعناد، وهم النضر بن الحارث وأتباعه
[ ص: 277 ] الفجرة. و "اللام" في قوله تعالى:
للذين آمنوا للتبليغ. كما في مثل قوله تعالى:
وقال لهم نبيهم . وقيل: لام الأجل. كما في قوله تعالى:
وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه أي: قالوا لأجلهم، وفي حقهم، والأول هو الأولى; لأن قولهم ليس في حق المؤمنين فقط كما ينطق به قوله تعالى:
أي الفريقين . أي: المؤمنين والكافرين. كأنهم قالوا أينا
خير نحن أو أنتم
مقاما ؟ أي: مكانا. وقرئ: بضم الميم، أي: موضع إقامة ومنزل.
وأحسن نديا أي: مجلسا ومجتمعا. يروى أنهم كانوا يرجلون شعورهم، ويدهنونها، ويتطيبون، ويتزينون بالزين الفاخر، ثم يقولون ذلك لفقراء المؤمنين يريدون بذلك أن خيريتهم حالا، وأحسنيتهم منالا مما لا يقبل الإنكار، وأن ذلك لكرامتهم على الله سبحانه، وزلفاهم عنده إذ هو العيار على الفضل، والنقصان، والرفعة، والضعة. وأن من ضرورته هوان المؤمنين عليه تعالى لقصور حظهم العاجل، وما هذا القياس العقيم، والرأي السقيم إلا لكونهم جهلة لا يعلمون إلا ظاهرا من الحياة الدنيا، وذلك مبلغهم من العلم فرد عليهم ذلك من جهته تعالى بقوله: