ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد ذلك أي : ما ذكر من العذاب الدنيوي والأخروي وما فيه من معنى البعد للإيذان بكونه في الغاية القاصية من الهول والفظاعة ، وهو مبتدأ خبره قوله تعالى :
بما قدمت يداك أي : بسبب ما اقترفته من الكفر والمعاصي . وإسناده إلى يديه لما أن الاكتساب عادة يكون بالأيدي ، والالتفات لتأكيد الوعيد وتشديد التهديد . ومحل "أن" في قوله عز وعلا :
وأن الله ليس بظلام للعبيد الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : والأمر أنه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبلهم ، والتعبير عن ذلك بنفي الظلم مع أن تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم قطعا على ما نقرر من قاعدة أهل السنة فضلا عن كونه ظلما بالغا قد مر تحقيقه في (سورة آل عمران ) . والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبلها ، وأما ما قيل من أن محل "أن" هو الجر بالعطف على ما قدمت فقد عرفت حاله في (سورة الأنفال ) .