ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ولولا إذ سمعتموه من المخترعين والمشايعين لهم
قلتم تكذيبا لهم وتهويلا لما ارتكبوه
ما يكون لنا ما يمكننا
أن نتكلم بهذا وما يصدر عنا ذلك بوجه من الوجوه ، وحاصله نفي وجود التكلم به لا نفي وجوده على وجه الصحة والاستقامة والانبغاء وهذا إشارة إلى ما سمعوه ، وتوسيط الظرف بين "لولا" و "قلتم" لما مر من تخصيص التحضيض بأول وقت السماع ، وقصر التوبيخ واللوم على تأخير القول المذكور عن ذلك الآن ليفيد أنه المحتمل للوقوع المفتقر إلى التحضيض على تركه ، وأما ترك القول نفسه رأسا فيما لا يتوهم وقوعه حتى يحضض على فعله ويلام على تركه ، وعلى هذا ينبغي أن يحمل ما قيل : إن المعنى : إنه كان الواجب عليهم أن يتفادوا أول ما سمعوا بالإفك عن التكلم به فلما كان ذكر الوقت أهم وجب التقديم ، وأما ما قيل من أن ظروف الأشياء منزلة منزلة أنفسها لوقوعها فيها ، وأنها لا تنفك عنها فلذلك يتسع فيها ما لا
[ ص: 163 ] يتسع في غيرها فهي ضابطة ربما تستعمل فيما إذا وضع الظرف موضع المظروف بأن جعل مفعولا صريحا لفعل مذكور كما في قوله تعالى :
واذكروا إذ جعلكم خلفاء أو مقدر كعامة الظروف المنصوبة إضمار اذكروا ، أما ههنا فلا حاجة إليها أصلا لما تحققت أن مناط التقديم توجبه التحضيض إليه ، وذلك يتحقق في جميع متعلقات الفعل كما في قوله تعالى :
فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها .
سبحانك تعجب ممن تفوه به ، وأصله أن يذكر عند معاينة العجيب من صنائعه تعالى تنزيها له سبحانه على أن يصعب عليه أمثاله ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه ، أو تنزيه له تعالى عن أن تكون حرمة نبيه فاجرة فإن فجورها تنفير عنه ومخل بمقصود الزواج فيكون تقريرا لما قبله وتمهيدا لقوله تعالى
هذا بهتان عظيم لعظم المبهوت عليه واستحالة صدقه فإن حقارة الذنوب وعظمها باعتبار متعلقاتها .