باب ما يجوز للمعتكف أن يفعله قال الله تعالى :
ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد يحتمل اللفظ حقيقة المباشرة التي هي إلصاق البشرة بالبشرة من أي موضع كان من البدن ويحتمل أن تكون كناية عن الجماع كما كان المسيس كناية عن الجماع ، وحقيقته المس باليد وبسائر الأعضاء وكما قال :
فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم والمراد الجماع ، فلما اتفق الجميع أن هذه الآية قد حظرت الجماع على المعتكف وأنه مراد بها ، وجب أن تنتفي إرادة المباشرة التي هي حقيقة لامتناع كون لفظ واحد حقيقة مجازا .
وقد اختلف الفقهاء في
مباشرة [ ص: 307 ] المعتكف ، فقال أصحابنا : " لا بأس بها إذا لم تكن بشهوة وأمن على نفسه ، ولا ينبغي أن يباشرها بشهوة ليلا ولا نهارا ، فإن فعل فأنزل فسد اعتكافه ، فإن لم ينزل لم يفسد وقد أساء " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " إذا قبل امرأته فسد اعتكافه " وقال
المزني عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : " إن باشر فسد اعتكافه " وقال في موضع آخر : " لا يفسد الاعتكاف من الوطء إلا ما يوجب الحد " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قد بينا أن مراد الآية في المباشرة هو الوطء دون المباشرة باليد والقبلة ، وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ، إن قوله :
ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد إنما هو على الجماع .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري قال : " المباشرة النكاح " ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " إذا جامع المعتكف فسد اعتكافه " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=190الضحاك : " كانوا يجامعون وهم معتكفون حتى نزل :
ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : " كان الناس إذا اعتكفوا خرج الرجل منهم فباشر أهله ثم رجع إلى المسجد ، فنهاهم الله عن ذلك بقوله :
ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد وهذا من قولهم يدل على أنهم عقلوا من مراد الآية الجماع دون اللمس والمباشرة باليد .
ويدل على أن المباشرة لغير شهوة مباحة للمعتكف ، حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=666644أنها كانت ترجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معتكف فكانت لا محالة تمس بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها ، فدل على أن المباشرة لغير شهوة غير محظورة على المعتكف وأيضا لما ثبت أن الاعتكاف بمعنى الصوم في باب حظر الجماع ولم يكن الصوم مانعا من المباشرة أو القبلة لغير شهوة إذا أمن على نفسه .
وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في آثار مستفيضة ، وجب أن لا يمنع الاعتكاف القبلة لغير شهوة ولما كانت المباشرة والقبلة لشهوة محظورتين في الصوم وجب أن يكون ذلك حكمهما في الاعتكاف ، ولما كانت المباشرة في الصوم إذا حدث عنها إنزال فسد الصوم وجب أن يفسد الاعتكاف ؛ لأن الاعتكاف والصوم قد جريا مجرى واحدا في اختصاصهما بحظر الجماع دون دواعيه من الطيب ودون اللباس .
فإن قيل : المحرم إذا قبل بشهوة لزمه دم وإن لم ينزل ، فهلا أفسدت الاعتكاف بمثله قيل له : ليس الإحرام بأصل للاعتكاف ، ألا ترى أنه ممنوع في الإحرام من الجماع ودواعيه من الطيب ومحظور عليه اللبس والصيد وإزالة التفث عن نفسه وليس يحظر ذلك عليه الاعتكاف ؟ فثبت بذلك أن الإحرام ليس بأصل للاعتكاف ، وأن الإحرام أكبر حرمة فيما يتعلق به من الأحكام ، فلما كان المحرم ممنوعا من الاستمتاع
[ ص: 308 ] وقد حصل له ذلك بالمباشرة وإن لم ينزل ، وجب عليه دم لحصول الاستمتاع بما هو محظور عليه ، فأشبه الاستمتاع بالطيب واللباس ، فلزمه من أجل ذلك دم
فإن قيل : فلا يفسد اعتكافه وإن حدث عنها إنزال كما لا يفسد إحرامه ، قيل له : لم نجعل ما وصفنا علة في فساد الاعتكاف حتى يلزمنا علتها ، وإنما أفسدنا اعتكافه بالإنزال عن المباشرة كما أفسدنا صومه ، وأما الإحرام فهو مخصوص في إفساده بالجماع في الفرج وسائر الأمور المحظورة في الإحرام لا يفسده ، ألا ترى أن اللبس والطيب والصيد كل ذلك محظور في الإحرام ولا يفسده إذا وقع فيه ؟ فالإحرام في باب البقاء مع وجود ما يحظره أكبر من الاعتكاف والصوم ؛ ألا ترى أن بعض الأشياء التي يحظرها الصوم يفسده مثل الأكل والشرب وكذلك يفسد الاعتكاف ؟
فلذلك قلنا إن المباشرة في الاعتكاف إذا حدث عنها إنزال أفسدته كما تفسد الصوم ، ومتى لم يحدث عنها لم يكن لها تأثير في إفساد الاعتكاف كما لم تؤثر في إفساد الصوم .
واختلف فقهاء الأمصار في أشياء من أمر المعتكف ، فقال أصحابنا : " لا يخرج المعتكف من المسجد في اعتكاف واجب ليلا ولا نهارا إلا لما لا بد منه من الغائط والبول وحضور الجمعة ، ولا يخرج لعيادة مريض ولا لشهود جنازة " قالوا : " ولا بأس بأن يبيع ويشتري ويتحدث في المسجد ويتشاغل بما لا مأثم فيه ويتزوج وليس فيه صمت " وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " لا يعرض المعتكف لتجارة ولا غيرها بل يشتغل باعتكافه ، ولا بأس أن يأمر بصنعته ومصلحة أهله وبيع ماله أو شيئا لا يشغله في نفسه .
ولا بأس به إذا كان خفيفا " ؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " ولا يكون معتكفا حتى يجتنب
ما يجتنب المعتكف ، ولا بأس بنكاح المعتكف ما لم يكن الوقاع " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " لا يقوم المعتكف إلى رجل يعزيه بمصيبة ، ولا يشهد نكاحا يعقد في المسجد يقوم إليه في المسجد ، ولكن لو غشيه ذلك في مجلسه لم أر به بأسا ، ولا يقوم إلى الناكح فيهنئه ، ولا يتشاغل في مجلس العلم ولا يكتب العلم في المجلس وكرهه ويشتري ويبيع إذا كان خفيفا " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : " المعتكف يعود المريض ويشهد الجمعة وما لا يحسن به أن يصنعه في المسجد أتى أهله فصنعه ، ولا يدخل سقفا إلا أن يكون ممره فيه ، ولا يجلس عند أهله ، وليوصهم بحاجته وهو قائم أو يمشي ، ولا يبيع ولا يبتاع ، وإن دخل سقفا بطل اعتكافه " ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح : " وإذا دخل المعتكف بيتا ليس فيه طريقه أو جامع بطل
[ ص: 309 ] اعتكافه ، ويحضر الجنازة ويعود المريض ويأتي الجمعة ويخرج للوضوء ويدخل بيت المريض ، ويكره أن يبيع ويشتري " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : روى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت
nindex.php?page=hadith&LINKID=887273إن من السنة في المعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان ، ولا يتبع الجنازة ، ولا يعود مريضا ، ولا يمس امرأة ولا يباشرها وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد قالا : " لا يعود المعتكف مريضا ولا يجيب دعوة ولا يشهد جنازة " وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : " ليس على المعتكف أن يعود مريضا ولا يتبع جنازة " فهؤلاء
السلف من الصحابة والتابعين قد روي عنهم في المعتكف ما وصفنا ، وروي عن غيرهم خلاف ذلك .
وروى
أبو إسحاق عن
عاصم بن ضمرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي قال : " المعتكف يشهد الجمعة ويعود المريض ويتبع الجنازة " وروي مثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وعامر nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
عمار بن عبد الله بن يسار عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي " أنه لم ير بأسا أن يخرج المعتكف ويبتاع " .
وحدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، عن
عمرة بنت عبد الرحمن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657453كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان فهذا الحديث يقتضي حظر الخروج إلا لحاجة الإنسان ، مما وصفنا من أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم للاعتكاف وارد مورد البيان ، وفعله إذا ورد مورد البيان فهو على الوجوب ، فأوجب ما ذكرنا من فعله حظر الخروج على المعتكف إلا لحاجة الإنسان .
وإنما يعنى به البول والغائط ، ولما كان من شرط الاعتكاف اللبث في المسجد ، وبذلك قرنه الله تعالى عند ذكره في قوله :
ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد وجب أن لا يخرج إلا لما لا بد منه من حاجة الإنسان وقضاء فرض الجمعة ؛ ولأنه معلوم أنه لم يعقد على نفسه اعتكافا هو متنفل بإيجابه ، وهو يريد ترك شهود الجمعة وهي فرض عليه ، فصار حضورها مستثنى من اعتكافه .
فإن قيل : أليس في قوله :
وأنتم عاكفون في المساجد دلالة على أن من شرطه دوام اللبث فيه ؟ لأنه إنما ذكر في الحال التي يكونون عليه وعلق به حظر الجماع إذا كانوا بهذه الصفة ، ولا دلالة على حظر
الخروج من المسجد في حال الاعتكاف ، قيل له : هذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أنه معلوم أن حظر الجماع على المعتكف غير متعلق بكونه في المسجد ؛ لأنه لا خلاف بين أهل العلم أنه ليس له أن يجامع امرأته في بيته في
[ ص: 310 ] حال الاعتكاف .
وقد حكينا عن بعض
السلف أن الآية نزلت فيمن كان يخرج من المسجد في حال اعتكافه إلى بيته ويجامع ، فلما كان ذلك كذلك ثبت أن ذكر المسجد في هذا الموضع إذا لم يعلق به حظر الجماع إنما هو لأن ذلك شرط الاعتكاف ومن أوصافه التي لا يصح إلا به ، والوجه الآخر : أن الاعتكاف لما كان أصله في اللغة اللبث في الموضع ، ثم ذكر الله تعالى الاعتكاف ، فاللبث لا محالة مراد به وإن أضيف إليه معان أخر لم يكن الاسم لها في اللغة ، كما أن الصوم لما كان في اللغة هو الإمساك ثم نقل في الشرع إلى معان أخر لم يخرجه ذلك من أن يكون من شرطه وأوصافه التي لا يصح إلا به .
فثبت أن الاعتكاف هو اللبث في المسجد ، فواجب على هذا أن لا يخرج إلا لما لا بد منه أو لشهود الجمعة ؛ إذ كانت فرضا ، مع ما عاضد هذه المقالة ما قدمنا من السنة ، ولما لم يتعين فرض شهود الجنازة وعيادة المريض لم يجز له الخروج لهما .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=674037كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بالمريض وهو معتكف فما يعرج عليه ، يسأل عنه ويمضي وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
عمرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة مثله من فعلها ، ولما اتفق الجميع ممن ذكرنا قوله أنه غير جائز للمعتكف أن يخرج فينصرف في سائر أعمال البر من قضاء حوائج الناس والسعي على عياله وهو من البر ، وجب أن يكون كذلك حكم عيادة المريض ، وكما لا يجيبه إلى دعوته كذلك عيادته لأنهما سواء في حقوق بعضهم على بعض ؛ فالكتاب والأثر والنظر يدل على صحة ما وصفنا ، فإن احتج محتج بما روى
الهياج الخراساني قال : حدثنا
عنبسة بن عبد الرحمن عن
عبد الخالق عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=678280المعتكف يتبع الجنازة ويعود المريض ، وإذا خرج من المسجد قنع رأسه حتى يعود إليه قيل له : هذا حديث مجهول السند ، لا يعارض به حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
عمرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة .
وأما قول من قال : " إنه إن دخل سقفا بطل اعتكافه " فتخصيصه السقف دون غيره لا دلالة عليه ، ولا فرق بين السقف وغيره من الفضاء ، فإن كونه في الفضاء والصحراء لا يفسد اعتكافه ، فكذلك السقف مثله ، وأما
البيع والشراء من غير إحضار السلعة والميزان فلا بأس عندهم به ، وإنما أرادوا البيع بالقول فحسب لا إحضار السلع والأثمان ؛ وإنما جاز ذلك لأنه مباح ، فهو كسائر كلامه في الأمور المباحة .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=889531أنه نهى عن صمت يوم إلى الليل فإذا كان الصمت محظورا فهو لا محالة مأمور بالكلام ، فسائر ما ينافي الصمت
[ ص: 311 ] من مباح الكلام قد انتظمه اللفظ وحدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
أحمد بن محمد المروزي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16600علي بن الحسين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=199صفية ، قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=706475كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا ، فحدثته ثم قمت فانقلبت ، فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار ، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا ، فقال صلى الله عليه وسلم : على رسلكما إنها nindex.php?page=showalam&ids=199صفية بنت حيي قالا : سبحان الله يا رسول الله قال : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا ، أو قال : شرا فتشاغل في اعتكافه بمحادثة
nindex.php?page=showalam&ids=199صفية ومشى معها إلى باب المسجد ، وهذا يبطل قول من قال : لا يتشاغل بالحديث ولا يقوم فيمشي إلى أملاك في المسجد ، وحدثنا
محمد بن بكر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16039سليمان بن حرب nindex.php?page=showalam&ids=17072ومسدد قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=705346كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون معتكفا في المسجد فيناولني رأسه من خلال الحجرة فأغسل رأسه وأرجله وأنا حائض .
وقد حوى هذا الخبر أحكاما : منها
: إباحة غسل الرأس وهو في المسجد ، ومنها جواز
المباشرة واللمس بغير شهوة للمعتكف ، ومنها جواز
غسل الرأس في حال الاعتكاف ، وغسل الرأس إنما هو لإصلاح البدن ، فدل ذلك على أن
للمعتكف أن يفعل ما فيه صلاح بدنه ، ودل أيضا على أنه له أن يشتغل بما فيه صلاح ماله ، كما أبيح له الاشتغال بإصلاح بدنه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=684886قتال المؤمن كفر وسبابه فسق ، وحرمة ماله كحرمة دمه ودل أيضا على أن
للمعتكف أن يتزين ؛ لأن ترجيل الرأس من الزينة ، ويدل على أن
من كان في المسجد فأخرج رأسه فغسله كان غاسلا له في المسجد ، وهو يدل على قولهم فيمن حلف لا يغسل رأس فلان في المسجد أنه يحنث إن أخرج رأسه من المسجد فغسله والحالف خارج المسجد ، وأنه إنما يعتبر موضع المغسول لا الغاسل ؛ لأن الغسل لا يكون إلا وهو متصل به يقتضي وجود المغسول ، ولذلك قالوا فيمن حلف لا يضرب فلانا في المسجد : إنه يعتبر وجود المضروب في المسجد لا الضارب .
ويدل أيضا على
طهارة يد الحائض وسؤرها وأن حيضها لا يمنع طهارة بدنها ، وهو كقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=910150ليس حيضك في يدك ، والله أعلم .