قوله تعالى :
إنما النسيء زيادة في الكفر ، الآية.
هو متعلق بما تقدم، وهو أن
العرب كانت تجعل المحرم صفرا وصفرا المحرم في بعض السنين، على ما كانت تقتضيه الكبسة التي كانت لهم، وأول من وضع ذلك من
العرب ملك لهم يقال له:
القلمس ، واسمه
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة، وهو أول من أنسأ النسيء، أنسأ المحرم، فكان يحله عاما ويحرمه عاما، فكان إذا حرمه كان ثلاثا حرما متواليات، وهي التي يقال: ثلاثة سرد، وهي العدة التي حرم الله تعالى في عهد
إبراهيم، فإذا أحله دخل مكانه صفر في المحرم لتواطئ العدة، يقول: قد أكملت الأربعة كما كانت، لأني لم أحل شهرا إلا وقد حرمت مكانه شهرا، لكنه ليس مسرورا،
[ ص: 203 ] فحج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عاد المحرم إلى ما كان في الأصل، فأنزل الله تعالى :
إن عدة الشهور عند الله ، فأخبر الله تعالى أن النسيء الذي كانوا يفعلونه كفر، وأن الأشهر الحرم الثلاثة لا بد أن تكون متوالية، وأن صفرا لا يقام مقامها، فهذا معنى هذه الآية.
وقال قائلون في معنى هذه الآية: إن روما من
بني كنانة وغيرها، كانوا يؤخرون الحج عن وقته في كل سنة شهرا، فيوقعونه في المحرم بعد ذي الحجة، وفي السنة الثانية في صفر، فبين الله تعالى أن هذا الصنيع كفر.