[ثم] قال تعالى عاطفا على قوله:
فإن فعلت وإن يمسسك الله أي الذي لا راد لأمره
بضر أي: أي ضر كان على أي وجه كان وإن كان ظاهرا جدا بما أنبأ عنه الإظهار
فلا كاشف له أي: أصلا بوجه من الوجوه
إلا هو لأنه أراده وما أراده لا يكون غيره فلا ترج سواه في أن يبذله بخير، وعبر بالمس لأنه أخوف
وإن يردك [أي مطلق إرادة]
بخير فلا أي: أصابك لا محالة فإنه لا
راد ونبه على أنه لا يجب عليه سبحانه شيء بأن وضع مكان الضمير قوله:
لفضله [أي] عمن يريده به كما يفعل بعض العاتين من أتباع ملوك الدنيا في رد بعض ما يريدون، بل هو بحيث لا ينطق أحد إلا بإذنه فلا تخش غيره، فالآية من الاحتباك: ذكر المس أولا دليلا على إرادته ثانيا، والإرادة ثانيا دليلا على حذفها أولا، ولم يستثن في الإرادة كما استثنى في الكشف لأن دفع المراد محال، وعبر بالإرادة في الخير
[ ص: 219 ] وبالمس في الضير تنبيها على أنه صلى الله عليه وسلم مراد بالخير بالذات وبالضر بالعرض تطييبا لقلبه لما تكرر في هذه السورة من الإخبار بإحقاق العذاب على الفاسقين والإيئاس من الظالمين، فلما تقرر ذلك حسن موقع قوله مبينا لحال ذلك الفضل:
يصيب به أي: بذلك الفضل أو بالذي تقدم من الخير والضير
من يشاء أي: كائنا من كان من أدنى وأعلى، وبين العلة في كونهم مقهورين بقوله:
من عباده وهذا كله إشارة إلى أن ما أوجب الإعراض عن معبوداتهم بانسلاله عنها أوجب الإقبال عليه بثبوته له واختصاصه به، وختم الآية بقوله:
وهو الغفور أي البليغ الستر للذنوب
الرحيم أي البالغ في الإكرام إشارة إلى [أن] إصابته بالخير لا يمكن أن يكون إلا فضلا منه بعد الستر للذنوب والرحمة للضعف. فهو الحقيق بأن يعبد; والمس: اجتماع التباين من غير نقص، ونظيره المطابقة، والمجامعة نقيضها المباينة; والكشف \: رفع الستار، جعل الضر كأنه مانع من إدراك الإنسان وساتر له.