ولما منح سبحانه من فيهم أهلية التذكر بالعقول الدالة على توحيده والانقياد لأوامره، كان كأنه عهد في ذلك، فقال يصف المتذكرين بما يدل قطعا على أنه لا لب لسواهم:
الذين يوفون أي يوجدون الوفاء لكل شيء
بعهد الله أي [بسبب] العقد المؤكد من الملك الأعلى بأوامره ونواهيه، فيفعلون كلا منهما كما رسمه لهم ولا يوقعون شيئا منهما مكان الآخر; والعهد: العقد المتقدم على الأمر بما يفعل أو يجتنب، والإيفاء: جعل الشيء على مقدار غيره من غير زيادة ولا نقصان.
[ ص: 329 ] ولما كان الدليل العقلي محتما للثبات عليه كما أن الميثاق اللفظي موجب للوفاء به، قال تعالى:
ولا ينقضون الميثاق أي الإيثاق ولا الوثاق ولا مكانه ولا زمانه; والنقض: حل العقد بفعل ما ينافيه ولا يمكن أن يصح معه، والميثاق: العقد المحكم وهو الأوامر والنواهي المؤكدة بحكم العقل.