ولما بين هذه النعمة الدنيوية؛ عطف عليها نعمة هي أكبر منها جدا؛ استجلابا لكل ظالم؛ وبين عظمتها بحرف التراخي؛ فقال (تعالى):
ثم إن ربك ؛ أي: المحسن إليك؛
للذين عملوا السوء ؛ وهو كل ما من شأنه أن يسوء؛ وهو ما لا ينبغي فعله؛
بجهالة ؛ كما عملتم؛ وإن عظم فعلهم؛ وتفاحش جهلهم؛
ثم تابوا ؛ ولما كان - سبحانه - يقبل اليسير من العمل؛ أدخل الجار؛ فقال (تعالى):
من بعد ذلك ؛ أي: الذنب؛ ولو كان عظيما؛ فاقتصروا على ما أذن
[ ص: 272 ] فيه خالقهم؛
وأصلحوا ؛ بالاستمرار على ذلك؛
إن ربك ؛ أي: المحسن إليك بتسهيل دينك؛ وتيسيره؛ ولما كان إنما يغفر بعد التوبة ما عدا الشرك الواقع بعدها؛ أدخل الجار؛ فقال (تعالى):
من بعدها ؛ أي: التوبة؛ وما تقدمها من أعمال السوء؛
لغفور ؛ أي: بليغ الستر لما عملوا من السوء؛
رحيم ؛ أي: محسن بالإكرام؛ فضلا ونعمة.