[ ص: 466 ] ولما كانت الهجرة شديدة المرارة لأنها مرت في المعنى من حيث كونها مفارقة المألوف المحبوب من العشير والبلد والمال ، وكان في الموت ذلك كله بزيادة ، قال مؤكدا بذلك مذكرا به مرهبا من ترك الهجرة :
كل نفس ذائقة الموت أي : مفارقة كل ما ألفت حتى بدنا طالما لابسته ، وآنسها وآنسته ، فإن أطاعت ربها أنجت نفسها ولم تنقصها الطاعة في الأجل شيئا ، وإلا أوبقت نفسها ولم تزدها المعصية في الأجل شيئا ، فإذا قدر الإنسان أنه مات سهلت عليه الهجرة ، فإنه إن لم يفارق بعض مألوفه بها فارق كل مألوفه [بالموت] ، وما ذكر الموت في عسير إلا يسره ، ولا يسير إلا عسره وكدره.
ولما هون أمر الهجرة ، حذر من رضي في دينه بنوع نقص لشيء من الأشياء حثا على
الاستعداد بغاية الجهد في التزود للمعاد فقال :
ثم إلينا على عظمتنا ، لا إلى غيرنا
ترجعون على أيسر وجه ، فيجازي كلا منكم بما عمل.