ولما كانت عداوتهم معروفة وإنما غطاها محبة القرابات لأن الحب للشيء يعمي ويصم، فخطأ رأيهم في موالاتهم بما أعلمهم به من حالاتهم، زهد فيها مما يرجع إلى حال من والوهم لأجلهم بما تورثه من الشقاء الدائم يوم البعث، فقال مستأنفا إعلاما بأنها خطأ على كل حال:
لن تنفعكم أي بوجه [من الوجوه]
أرحامكم أي قراباتكم الحاملة لكم على
[ ص: 495 ] رحمتهم والعطف عليهم
ولا أولادكم الذين هم أخص أرحامكم إن واليتم أعداء الله لأجلهم فينبغي أن لا تعدوا قربهم منكم بوجه أصلا، ثم علل ذلك وبينه بقوله:
يوم القيامة أي القيام الأعظم.
ولما كان النافي للنفع وقوع الفصل لا كونه من فاصل معين قال بانيا للمفعول على قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبي جعفر nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر من أكثر طرقه إلا أن شدد الصاد للمبالغة في الفصل:
يفصل أي يوقع الفصل وهو الفرقة العظيمة بانقطاع جميع الأسباب
بينكم أي أيها الناس فيدخل من شاء من أهل طاعته الجنة، ومن شاء من أهل معصيته النار، فلا ينفع أحد أحدا منكم بشيء من الأشياء إلا إن كان [قد] أتى الله بقلب سليم فيأذن الله في إكرامه بذلك.
ولما كان التقدير إعلاما بأن الله هو الفاصل وهو الضار النافع بما دلت [عليه] قراءة الباقين إلا أن حمزة والكسائي بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد مشددة إشارة إلى عظمة هذا الفصل بخروجه عن المألوف عودا إلى الاسم الأعظم إشارة إلى عظم الأمر بانتشار الخلائق وأعمالهم: فالله على ذلك قدير، عطف عليه قوله:
والله أي الذي له الإحاطة التامة
بما تعملون أي من كل عمل في كل وقت
بصير فيجازيكم عليه في الدنيا والآخرة، وقد مضى غير مرة أن
[ ص: 496 ] تقديم الجار في مثل هذا للتنبه على مزيد الاعتناء بعلم ذلك لا على الاختصاص ولا لأجل الفواصل.