ولما كانت هدايته مشروطة بشرط صلاح الجبلة؛ بين ذلك بقوله - واصفا له -:
يهدي به ؛ أي: الكتاب؛
الله ؛ أي: الملك الأعظم القادر على التصرف في البواطن؛ والظواهر؛
من اتبع ؛ أي: كلف نفسه وأجهدها في الخلاص من أسر الهوى؛ بأن تبع؛
رضوانه ؛ أي: غاية ما يرضيه من الإيمان؛ والعمل الصالح؛ ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا بتوفيقه؛ ثم ذكر مفعول؛ "يهدي"؛ فقال:
سبل ؛ أي: طرق؛
السلام ؛ أي: الله؛ باتباع شرائع دينه؛ والعافية والسلامة من كل مكروه؛
ويخرجهم من الظلمات ؛ أي: كدورات النفوس؛ والأهواء؛ والوساوس الشيطانية؛
إلى النور ؛ أي: الذي دعا إليه العقل؛ فيصيروا عاملين بأحسن الأعمال؛ كما يقتضيه اختيار من هو في النور؛
بإذنه ؛ أي: بتمكينه.
ولما كان من في النور قد يغيب عنه غرضه الأعظم؛ فلا ينظره لغيبته عنه؛ ببعده منه؛ وتكثر عليه الأسباب؛ فلا يدري أيها الوصف؛ أو يقرب إيصاله؛ ويسهل أمره؛ قال - كافلا لهم بالنور؛ مريحا من تعب
[ ص: 64 ] السير -:
ويهديهم ؛ أي: بما له من إحاطة العلم؛ والقدرة؛
إلى صراط مستقيم ؛ أي: طريق موصل إلى الغرض؛ من غير عوج أصلا؛ وهو الدين الحق؛ وذلك مقتض للتقرب؛ المستلزم لسرعة الوصول.