ولما نهى عن السؤال عنها ليتعرف حالها؛ علل ذلك بأن غيرهم عرف أشياء؛ وطلب أن يعطاها؛ إما بأن سأل غيره ذلك؛ وإما بأن شرعها؛
[ ص: 318 ] وسأل غيره أن يوافقه عليها؛ وهو قاطع بأنها غاية في الحسن؛ فكانت سبب شقائه؛ فقال:
قد سألها ؛ يعني أمثالها؛ ولم يقل: "سأل عنها"؛ إشارة إلى ما أبدته؛
قوم ؛ أي: أولو عزم؛ وبأس؛ وقيام في الأمور؛ ولما كان وجود القوم؛ فضلا عن سؤالهم؛ لم يستغرق زمان القبل؛ أدخل الجار؛ فقال:
من قبلكم ؛ ولما كان الشيء إذا جاء عن مسألة جديرا بالقبول؛ لا سيما إذا كان من ملك؛ فكيف إذا كان من ملك الملوك؟ فكان رده في غاية البعد؛ عبر عن استبعاده بأداة البعد؛ في قوله:
ثم أصبحوا بها ؛ أي: عقب إتيانهم إياها؛ سواء من غير مهلة؛
كافرين ؛ أي: ثابتين في الكفر؛ هذا زجر بليغ لأن يعودوا لمثل ما أرادوا من تحريم ما أحل لهم؛ ميلا إلى
الرهبانية؛ والتعمق في الدين؛ المنهي عنه بقوله:
لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم