يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون
قوله تعالى:
استجيبوا أي: أجيبوا .
قوله تعالى:
إذا دعاكم يعني الرسول (لما يحييكم) وفيه ستة أقوال .
أحدها: أن الذي يحييكم: كل ما يدعو الرسول إليه ، وهو معنى قول
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وفي أفراد
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
أبي سعيد بن المعلى قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654114كنت أصلي في المسجد ، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم أجبه ، ثم أتيته فقلت: يا رسول الله ، إني كنت أصلي ، فقال "ألم يقل الله: استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم؟" قلت: بلى ، ولا أعود إن شاء الله .
والثاني: أنه الحق ، رواه
شبل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
والثالث: أنه الإيمان ، رواه
ورقاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . [ ص: 339 ] والرابع: أنه اتباع القرآن ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد .
والخامس: أنه الجهاد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: هو الجهاد الذي يحيي دينهم ويعليهم .
والسادس: أنه إحياء أمورهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء . فيخرج في إحيائهم خمسة أقوال .
أحدها أنه إصلاح أمورهم في الدنيا والآخرة .
والثاني: بقاء الذكر الجميل لهم في الدنيا ، وحياة الأبد في الآخرة .
والثالث: أنه دوام نعيمهم في الآخرة .
والرابع: أنه كونهم مؤمنين ، لأن الكافر كالميت .
والخامس: أنه يحييهم بعد موتهم ، وهو على قول من قال: هو الجهاد ، لأن الشهداء أحياء ، ولأن الجهاد يعزهم بعد ذلهم ، فكأنهم صاروا به أحياء .
قوله تعالى:
واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وفيه عشرة أقوال .
أحدها: يحول بين المؤمن وبين الكفر ، وبين الكافر وبين الإيمان ، رواه
ابن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
والثاني: يحول بين المؤمن وبين معصيته ، وبين الكافر وبين طاعته ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء .
والثالث: يحول بين المرء وقلبه حتى لا يتركه يعقل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: المعنى: يحول بين المرء وعقله ، فبادروا الأعمال ، فإنكم تأمنون زوال العقول ، فتحصلون على ما قدمتم .
والرابع: أن المعنى: هو قريب من المرء ، لا يخفى عليه شيء من سره ، كقوله:
ونحن أقرب إليه من حبل الوريد [ق:16] وهذا معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . [ ص: 340 ] والخامس: يحول بين المرء وقلبه ، فلا يستطيع إيمانا ولا كفرا إلا بإذنه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
والسادس: يحول بين المرء وبين هواه ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة .
والسابع: يحول بين المرء وبين ما يتمنى بقلبه من طول العمر والنصر وغيره .
والثامن: يحول بين المرء وقلبه بالموت ، فبادروا الأعمال قبل وقوعه .
والتاسع: يحول بين المرء وقلبه بعمله ، فلا يضمر العبد شيئا في نفسه إلا والله عالم به ، لا يقدر على تغييبه عنه .
والعاشر: يحول بين ما يوقعه في قلبه من خوف أو أمن ، فيأمن بعد خوفه ، ويخاف بعد أمنه ، ذكر معنى هذه الأقوال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أنهم لما فكروا في كثرة عدوهم وقلة عددهم ، فدخل الخوف قلوبهم ، أعلمه الله تعالى أنه يحول بين المرء وقلبه بأن يبدله بالخوف الأمن ، ويبدل عدوه بالقوة الضعف; وقد أعلمت هذه الآية أن الله تعالى هو المقلب للقلوب ، المتصرف فيها .
قوله تعالى:
وأنه إليه تحشرون أي: للجزاء على أعمالكم .