يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون
قوله تعالى:
لا تخونوا الله والرسول اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال .
أحدها: أنها نزلت في
أبي لبابة بن عبد المنذر; وذاك
أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما حاصر قريظة سألوه أن يصالحهم على ما صالح عليه بني النضير ، على أن يسيروا إلى أرض الشام ، فأبى أن يعطيهم ذلك إلا أن ينزلوا على حكم nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ ، فأبوا ، [ ص: 344 ] وقالوا: أرسل إلينا أبا لبابة ، وكان مناصحا لهم ، لأن ولده وأهله كانوا عندهم ، فبعثه إليهم ، فقالوا: ما ترى ، أننزل على حكم nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه: إنه الذبح فلا تفعلوا ، فأطاعوه ، فكانت تلك خيانته; قال أبو لبابة: فما زالت قدماي حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله ، ونزلت هذه الآية ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، والأكثرين . وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=696345أن أبا لبابة ربط نفسه بعد نزول هذه الآية إلى سارية من سواري المسجد ، وقال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله علي ، فمكث سبعة أيام كذلك ، ثم تاب الله عليه ، فقال: والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني ، فجاء فحله بيده ، فقال: أبو لبابة: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ، وأن أنخلع من مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجزئك الثلث" .
والثاني: أن
جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
إن nindex.php?page=showalam&ids=12026أبا سفيان في مكان كذا وكذا ، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه "اخرجوا إليه واكتموا" فكتب إليه رجل من المنافقين: إن محمدا يريدكم ، فخذوا حذركم ، فنزلت هذه الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله .
والثالث: أنها نزلت في قتل
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة .
والرابع:
أن قوما كانوا يسمعون الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيفشونه حتى يبلغ المشركين ، فنزلت هذه الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . وفي خيانة الله قولان .
[ ص: 345 ] أحدهما: ترك فرائضه . والثاني: معصية رسوله . وفي خيانة الرسول قولان . أحدهما: مخالفته في السر بعد طاعته في الظاهر . والثاني: ترك سنته .
وفي المراد بالأمانات ثلاثة أقوال .
أحدها: أنها الفرائض ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وفي خيانتها قولان . أحداهما: تنقيصها . والثاني: تركها .
والثاني: أنها الدين ، قاله
ابن زيد; فيكون المعنى: لا تظهروا الإيمان وتبطنوا الكفر .
والثالث: أنها عامة في خيانة كل مؤتمن ، ويؤكده نزولها في ما جرى
لأبي لبابة .