ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين
قوله تعالى : "
ولقد خلقنا الإنسان " يعني
آدم "
من صلصال " وفيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه الطين اليابس الذي لم تصبه نار ، فإذا نقرته صل ، فسمعت له صلصلة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12078وأبو عبيدة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة .
والثاني : أنه الطين المنتن ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد . ويقال : صل اللحم : إذا تغيرت رائحته .
والثالث : أنه طين خلط برمل ، فصار له صوت عند نقره ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء .
فأما الحمأ ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : هو جمع حمأة ، وهو الطين المتغير . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : لا خلاف أن الحمأ : الطين الأسود المتغير الريح . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن أشياخه قال : بل التراب حتى صار طينا ، ثم ترك حتى أنتن وتغير .
[ ص: 398 ] وفي المسنون أربعة أقوال :
أحدها : المنتن أيضا ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة في آخرين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : المسنون : المتغير الرائحة .
والثاني : أنه الطين الرطب ، رواه
ابن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثالث : أنه المصبوب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بن العلاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد .
والرابع : أنه المحكوك ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري ، قال : فمن قال : المسنون : المنتن ، قال : هو من قولهم : قد تسنى الشيء : إذا أنتن ، ومنه قوله تعالى :
لم يتسنه [البقرة :259] ، وإنما قيل له : مسنون ، لتقادم السنين عليه . ومن قال : الطين الرطب ، قال : سمي مسنونا ، لأنه يسيل وينبسط ، فيكون كالماء المسنون المصبوب . ومن قال : المصبوب ، احتج بقول
العرب : قد سننت علي الماء : إذا صببته . ويجوز أن يكون المصبوب على صورة ومثال ، من قوله : رأيت سنة وجهه ، أي : صورة وجهه ، قال الشاعر :
تريك سنة وجه غير مقرفة ملساء ليس بها خال ولا ندب
ومن قال : المحكوك ، احتج بقول
العرب : سننت الحجر على الحجر : إذا حككته عليه . وسمي المسن مسنا ، لأن الحديد يحك عليه . قال : وإنما كررت " من " لأن الأولى متعلقة بـ " خلقنا " والثانية متعلقة بالصلصال ، تقديره : ولقد خلقنا الإنسان من الصلصال الذي هو من حمإ مسنون .
قوله تعالى : "
والجان " فيه ثلاثة أقوال :
[ ص: 399 ] أحدها : أنه مسيخ الجن ، كما أن القردة والخنازير مسيخ الإنس ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني : أنه أبو الجن ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وروى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك أنه قال : الجان أبو الجن ، وليسوا بشياطين ، والشياطين ولد إبليس لا يموتون إلا مع إبليس ، والجن يموتون ، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر .
والثالث : أنه إبليس ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل .
فإن قيل : أليس أبو الجن هو إبليس ؟ فعنه جوابان :
أحدهما : أنه هو ، فيكون هذا القول هو الذي قبله .
والثاني : أن الجان أبو الجن ، وإبليس أبو الشياطين ، فبينهما إذا فرق على ما ذكرناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . قال العلماء : وإنما سمي جانا ، لتواريه عن العيون .
قوله تعالى : "
من قبل " يعني : قبل خلق
آدم "
من نار السموم " ،
[ ص: 400 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : من نار الريح الحارة ، وهي جزء من سبعين جزءا من نار جهنم . والسموم في اللغة : الريح الحارة وفيها نار ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15097ابن السائب : وهي نار لا دخان لها .