وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا .
قوله تعالى: "
وقضى ربك " روى
ابن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، قال: أمر ربك . ونقل عنه
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك أنه قال: إنما هي ( ووصى ربك ) فالتصقت إحدى
[ ص: 22 ] الواوين بـ( الصاد )، وكذلك قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب، nindex.php?page=showalam&ids=11904وأبو المتوكل، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير: ( ووصى )، وهذا على خلاف ما انعقد عليه الإجماع، فلا يلتفت إليه . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبو عمران، وعاصم الجحدري، ومعاذ القارئ: ( وقضاء ربك ) بقاف وضاد بالمد والهمز والرفع وخفض اسم الرب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: هذا القضاء من باب الحتم والوجوب، لكنه من باب الأمر والفرض، وأصل القضاء في اللغة: قطع الشيء بإحكام وإتقان، قال الشاعر يرثي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: قضيت أمورا ثم غادرت بعدها بوائق في أكمامها لم تفتق
أراد: قطعتها محكما لها .
قوله تعالى: "
وبالوالدين إحسانا " ; أي: وأمر بالوالدين إحسانا، وهو البر والإكرام، وقد ذكرنا هذا في ( البقرة: 83 ) .
قوله تعالى: "
إما يبلغن " قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر: ( يبلغن ) على التوحيد . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي، nindex.php?page=showalam&ids=15833وخلف: ( يبلغان )
[ ص: 23 ] على التثنية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: جعلت " يبلغن " فعلا لأحدهما، وكرت عليهما " كلاهما " . ومن قرأ: ( يبلغان )، فإنه ثنى ; لأن الوالدين قد ذكرا قبل هذا، فصار الفعل على عددهما، ثم قال: " أحدهما أو كلاهما " على الاستئناف، كقوله:
فعموا وصموا [ المائدة: 71 ]، ثم استأنف فقال: "
كثير منهم " .
قوله تعالى: "
فلا تقل لهما أف " قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو، nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي، nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم: ( أف ) بالكسر من غير تنوين . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر، ويعقوب، والمفضل: ( أف ) بالفتح من غير تنوين . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم: ( أف ) بالكسر والتنوين . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11838أبو الجوزاء nindex.php?page=showalam&ids=17344وابن يعمر: ( أف ) بالرفع والتنوين وتشديد الفاء . وقرأ
معاذ القارئ، وعاصم الجحدري، وحميد بن قيس: ( أفا ) مثل ( تعسا ) . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبو عمران الجوني وأبو السماك العدوي: ( أف ) بالرفع من غير تنوين مع تشديد الفاء، وهي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة، nindex.php?page=showalam&ids=11904وأبو المتوكل، nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء، nindex.php?page=showalam&ids=11838وأبو الجوزاء: ( أف ) بإسكان الفاء وتخفيفها ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش: وهذا لأن بعض
العرب يقول: ( أف لك ) على الحكاية، والرفع قبيح ; لأنه لم يجئ بعده لام . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية nindex.php?page=showalam&ids=11983وأبو حصين الأسدي: ( أفي ) بتشديد الفاء وياء . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري أن بعضهم قرأها: ( إف ) بكسر الهمزة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: فيها سبع لغات: الكسر بلا تنوين وبتنوين، والضم بلا تنوين وبتنوين، والفتح بلا تنوين وبتنوين، واللغة السابعة لا تجوز في القراءة: ( أفي ) بالياء، هكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: في ( أف ) عشرة أوجه: ( أف لك ) بفتح الفاء، و( أف ) بكسرها، و( أف )، و( أفا لك ) بالنصب والتنوين على مذهب الدعاء
[ ص: 24 ] كما تقول: ( ويلا ) للكافرين، و( أف لك ) بالرفع والتنوين، وهو رفع باللام، كقوله تعالى:
ويل للمطففين [ المطففون: 1 ]، و( أفه لك ) بالخفض والتنوين تشبيها بالأصوات، كقولك: ( صه، ومه )، و( أفها لك ) على مذهب الدعاء أيضا، و( أفي لك ) على الإضافة إلى النفس، و( أف لك ) بسكون الفاء تشبيها بالأدوات، مثل: ( كم، وهل، وبل )، و( إف لك ) بكسر الألف . وقرأت على شيخنا
أبي منصور اللغوي، قال: وتقول: ( أف منه، وأف، وأف، وأف، وأفا، وأف، وأفي مضاف، وأفها، وأفا بالألف )، ولا تقل: ( أفي ) بالياء، فإنه خطأ .
فأما معنى ( أف ) ففيه خمسة أقوال:
أحدها: أنه وسخ الظفر، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل . والثاني: وسخ الأذن، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي . والثالث: قلامة الظفر، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15611ثعلب . والرابع: أن ( الأف ): الاحتقار والاستصغار من ( الأفف ) . والأفف عند
العرب: القلة، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري . والخامس: أن ( الأف ) ما رفعته من الأرض من عود أو قصبة، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس اللغوي . وقرأت على شيخنا
أبي منصور، قال: معنى ( الأف ): النتن والتضجر، وأصلها: نفخك الشيء يسقط عليك من تراب ورماد، وللمكان تريد إماطة الأذى عنه، فقيلت لكل مستثقل . قال المصنف: وأما قولهم: ( تف ) فقد جعلها قوم بمعنى ( أف )، فروي عن
أبي عبيد أنه قال: أصل ( الأف، والتف ): الوسخ على الأصابع إذا فتلته . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري فرقا، فقال: قال اللغويون: أصل ( الأف ) في اللغة: وسخ الأذن، و( التف ): وسخ الأظفار، فاستعملتهما
العرب فيما يكره ويستقذر ويضجر منه . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج فرقا آخر، فقال: قد
[ ص: 25 ] قيل: إن ( أف ): وسخ الأظفار، و( التف ): الشيء الحقير، نحو: وسخ الأذن، أو الشظية تؤخذ من الأرض، ومعنى ( أف ): النتن، ومعنى الآية: لا تقل لهما كلاما تتبرم فيه بهما إذا كبرا وأسنا، فينبغي أن تتولى من خدمتهما مثل الذي توليا من القيام بشأنك وخدمتك . "
ولا تنهرهما " ; أي: لا تكلمهما ضجرا صائحا في وجوههما . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح: لا تنفض يدك عليهما، يقال: نهرته أنهره نهرا، وانتهرته انتهارا، بمعنى واحد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: نهرت الرجل وانتهرته، مثل: زجرته . قال المفسرون: وإنما نهى عن أذاهما في الكبر، وإن كان منهيا عنه على كل حالة ; لأن حالة الكبر يظهر فيها منهما ما يضجر ويؤذي، وتكثر خدمتهما .
قوله تعالى: "
وقل لهما قولا كريما " ; أي: لينا لطيفا أحسن ما تجد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ .
قوله تعالى: "
واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " ; أي: ألن لهما جانبك متذللا لهما من رحمتك إياهما . وخفض الجناح قد شرحناه في [ الحجر: 88 ] . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: جناحك: يداك، فلا ترفعهما على والديك . والجمهور يضمون الذال من " الذل " . وقرأ
أبو رزين، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، وعاصم الجحدري، nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة: بكسر الذال . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: الذل: أن تتذلل لهما، من الذل، والذل: أن تتذلل ولست بذليل في الخدمة، والذل والذلة: مصدر الذليل، والذل بالكسر: مصدر الذلول، مثل: الدابة والأرض . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: من قرأ ( الذل ) بكسر الذال، جعله بمعنى الذل بضم الذال، والذي عليه كبراء أهل اللغة أن الذل من الرجل: الذليل، والذل من الدابة: الذلول .
قوله تعالى: "
وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا " ; أي: مثل رحمتهما إياي في
[ ص: 26 ] صغري حتى ربياني . وقد ذهب قوم إلى أن هذا الدعاء المطلق نسخ منه الدعاء لأهل الشرك بقوله:
ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين [ التوبة: 113 ]، وهذا المعنى منقول عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، والحسن، وعكرمة، ومقاتل . قال المصنف: ولا أرى هذا نسخا عند الفقهاء ; لأنه عام دخله التخصيص، وقد ذكر قريبا مما قلته
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير .
قوله تعالى: "
ربكم أعلم بما في نفوسكم " ; أي: بما تضمرون من البر والعقوق، فمن بدرت منه بادرة وهو لا يضمر العقوق، غفر له ذلك، وهو قوله: "
إن تكونوا صالحين " ; أي: طائعين لله، [ وقيل ]: بارين، وقيل: توابين . "
فإنه كان للأوابين غفورا " في الأواب عشرة أقوال:
أحدها: أنه المسلم، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني: أنه التواب، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير، nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك، nindex.php?page=showalam&ids=12078وأبو عبيدة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: هو التائب مرة بعد مرة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: هو التواب المقلع عن جميع ما نهاه الله عنه، يقال: قد آب يؤوب أوبا: إذا رجع .
والثالث: أنه المسبح، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والرابع: أنه المطيع لله تعالى، رواه
علي بن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والخامس: أنه الذي يذكر ذنبه في الخلاء، فيستغفر الله منه، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير .
والسادس: أنه المقبل إلى الله تعالى بقلبه وعمله، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
والسابع: المصلي، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
والثامن: هو الذي يصلي بين المغرب والعشاء، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16920ابن المنكدر . [ ص: 27 ]
والتاسع: الذي يصلي صلاة الضحى، قاله
عون العقيلي .
والعاشر: أنه الذي يذنب سرا ويتوب سرا، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .