والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا .
إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما
قوله تعالى:
والذين لا يدعون مع الله إلها آخر في سبب نزولها ثلاثة أقوال .
أحدها : ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673889سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم؟ قال : " أن تجعل لله ندا وهو خلقك " قلت : ثم أي؟ قال : " أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك " ، قلت: [ ص: 104 ] ثم أي؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك " ، فأنزل الله تعالى تصديقها والذين لا يدعون مع الله إلها آخر الآية .
والثاني :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657182أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا ، ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة ، فنزلت هذه الآية ، إلى قوله : غفورا رحيما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثالث :
أن وحشيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أتيتك مستجيرا فأجرني حتى أسمع كلام الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد كنت أحب أن أراك على غير جوار ، فأما إذا أتيتني مستجيرا فأنت في جواري حتى تسمع كلام الله ، قال : فإني أشركت بالله وقتلت التي حرم الله وزنيت ، فهل يقبل الله مني توبة؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت هذه الآية ، فتلاها عليه ، فقال : أرى شرطا ، فلعلي لا أعمل صالحا ، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله ، فنزلت إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [النساء:48] ، فدعاه فتلاها عليه ، فقال : ولعلي ممن لا يشاء [الله] ، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله ، فنزلت : يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله الآية [الزمر : 53] ، فقال : نعم ، الآن لا أرى شرطا ، فأسلم ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ; وهذا
وحشي هو قاتل
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ; وفي هذا الحديث المذكور عنه نظر ، وهو بعيد الصحة ، والمحفوظ في إسلامه غير هذا ، وأنه قدم
[ ص: 105 ] مع رسل
الطائف فأسلم من غير اشتراط . وقوله :
يدعون معناه : يعبدون . وقد سبق بيان قتل النفس بالحق في (الأنعام : 151) .
قوله تعالى:
يلق أثاما وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=11904وأبو المتوكل : " يلق " برفع الياء وفتح اللام وتشديد القاف مفتوحة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يلق جزاء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة : وهو واد في جهنم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : يلق عقوبة ، وأنشد :
[جزى الله ابن عروة حيث أمسى عقوقا] والعقوق له أثام؟؟؟
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وقوله :
يلق أثاما جزما على الجزاء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12112أبو عمرو الشيباني : يقال : قد لقي أثام ذلك ، أي : جزاء ذلك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه nindex.php?page=showalam&ids=14248والخليل يذهبان إلى أن معناه : يلق جزاء الأثام . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : وإنما جزم " يضاعف له العذاب " لأن مضاعفة العذاب لقي الآثام ، فلذلك جزمت ، كما قال الشاعر :
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا تجد حطبا جزلا ونارا تأججا
لأن الإتيان هو الإلمام ، فجزم " تلمم " لأنه بمعنى " تأتي . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : " يضعف " ، وهو جيد بالغ ; تقول : ضاعفت الشيء وضعفته . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم : " يضاعف " بالرفع على تفسير " يلق أثاما " كأن قائلا قال : ما لقي الأثام؟ فقيل : يضاعف للآثم العذاب . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11904أبو المتوكل ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
وأبو حيوة : " يضعف " برفع الياء وسكون الضاد وفتح العين خفيفة من غير ألف . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11983أبو حصين الأسدي ،
والعمري عن
أبي جعفر مثله ، إلا أن العين مكسورة ، و " العذاب " بالنصب .
[ ص: 106 ] قوله تعالى:
ويخلد وقرأ
أبو حيوة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : " ويخلد " برفع الياء وسكون الخاء وفتح اللام مخففة . وقرأ
عاصم الجحدري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17344وابن يعمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11904وأبو المتوكل مثله ، إلا أنهم شددوا اللام .
فصل
ولعلماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية قولان .
أحدهما : أنها منسوخة ; وفي ناسخها ثلاثة أقوال . أحدها : أنه قوله تعالى:
ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم [النساء : 93] ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وكان يقول " هذه مكية ، والتي في " النساء " مدنية . والثاني : أنها نسخت بقوله :
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك الآية [النساء : 48] . والثالث : أن الأولى نسخت بالثانية ، وهي قوله :
إلا من تاب .
والقول الثاني : أنها محكمة ; والخلود إنما كان لانضمام الشرك إلى القتل والزنا . وفساد القول الأول ظاهر ، لأن القتل لا يوجب تخليدا عند الأكثرين ; وقد بيناه في سورة (النساء : 93) ،
والشرك لا يغفر إذا مات المشرك عليه ، والاستثناء ليس بنسخ .
قوله تعالى:
إلا من تاب قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=911491قرأنا على عهد رسول الله سنتين . " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر " ثم نزلت " إلا من تاب " فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرح بشيء فرحه بها ، وبـ إنا فتحنا لك فتحا مبينا [الفتح : 1] [ ص: 107 ] قوله تعالى:
فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات اختلفوا في كيفية هذا التبديل وفي زمان كونه ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يبدل الله شركهم إيمانا وقتلهم إمساكا ، وزناهم إحصانا ; وهذا يدل على أنه يكون في الدنيا ، وممن ذهب إلى هذا المعنى
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد . والثاني أن هذا يكون في الآخرة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان رضي الله عنه ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ،
وعلي بن الحسين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16723عمرو بن ميمون : يبدل الله سيئات المؤمن إذا غفرها له حسنات ، حتى إن العبد يتمنى أن تكون سيئاته أكثر مما هي . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن كالقولين . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه قال : ود قوم يوم القيامة أنهم كانوا في الدنيا استكثروا من الذنوب ; فقيل : من هم؟ قال : هم الذين قال الله تعالى فيهم :
فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ، ويؤكد هذا القول حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=657285يؤتى بالرجل يوم القيامة ، فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، فتعرض عليه صغار ذنوبه وتنحى عنه كبارها ، فيقال : عملت يوم كذا ، كذا وكذا ، وهو مقر لا ينكر ، وهو مشفق من الكبار ، فيقال : أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة " ، أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في " صحيحه " .