[ ص: 154 ] سورة الضحى
وهي مكية كلها بإجماعهم
اتفق المفسرون: على أن هذه [السورة] نزلت بعد انقطاع الوحي مدة .
ثم اختلفوا في سبب انقطاعه على ثلاثة أقوال .
أحدها:
أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين، وعن أصحاب الكهف، وعن الروح، فقال: سأخبركم غدا، ولم يقل: إن شاء الله، فاحتبس عنه الوحي .
والثاني: لقلة النظافة في بعض أصحابه . وقد ذكرنا هذين القولين في سورة [مريم: 65] .
والثالث: لأجل جرو كان في بيته، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم . [ ص: 155 ] وفي مدة احتباسه عنه أقوال قد ذكرناها في [مريم: 66] .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في " الصحيحين " من حديث
جندب قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654600قالت امرأة من قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أرى شيطانك إلا قد ودعك، فنزلت والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى جندب: هو ابن سفيان . والمرأة: يقال لها:
أم جميل امرأة أبي لهب . [ ص: 156 ] بسم الله الرحمن الرحيم
والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث .
وفي المراد " بالضحى " أربعة أقوال .
أحدها: ضوء النهار، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
والثاني: صدر النهار، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
والثالث: أول ساعة من النهار إذا ترحلت الشمس، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي، nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل .
والرابع: النهار كله، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء .
وفي معنى " سجى " خمسة أقوال .
أحدها: أظلم .
والثاني: ذهب، رويا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثالث: أقبل، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
والرابع: سكن، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء، nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة، nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد . فعلى هذا: في معنى " سكن " قولان .
أحدهما: استقر ظلامه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: " سجى " بمعنى أظلم وركد في
[ ص: 157 ] طوله . كما يقال: بحر ساج، وليل ساج: إذا ركد وأظلم . ومعنى ركد: سكن . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة، يقال: ليلة ساجية، وساكنة، وشاكرة . قال
الحادي: يا حبذا القمراء والليل الساج وطرق مثل ملاء النساج
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: " سجى " بمعنى سكن، وذلك عند تناهي ظلامه وركوده .
والثاني: سكن الخلق فيه، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
والخامس: امتد ظلامه، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي .
قوله تعالى " :
ما ودعك ربك وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس، nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة، nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية، nindex.php?page=showalam&ids=17344وابن يعمر، nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة، وأبو حاتم عن
يعقوب " ما ودعك " بتخفيف الدال . وهذا جواب القسم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: " ما ودعك " من التوديع كما يودع المفارق، و " ما ودعك " مخففة من ودعه يدعه
وما قلى أي: أبغض .
قوله تعالى:
وللآخرة خير لك من الأولى قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: خير لك من الدنيا . وقال غيره: الذي لك في الآخرة أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا .
قوله تعالى:
ولسوف يعطيك ربك في الآخرة من الخير
فترضى بما تعطى . قال
علي nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن: هو الشفاعة في أمته حتى يرضى . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: [ ص: 158 ] عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يفتح على أمته من بعده كفرا كفرا، فسر بذلك، فأنزل الله عز وجل: " وللآخرة خير لك من الأولى . ولسوف يعطيك ربك فترضى " .
قوله تعالى:
ألم يجدك يتيما فآوى فيه قولان .
أحدهما: جعل لك مأوى إذ ضمك إلى عمك
أبي طالب، فكفاك المؤونة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل .
والثاني: جعل لك مأوى لنفسك أغناك عن كفالة
أبي طالب، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15097ابن السائب .
قوله تعالى:
ووجدك ضالا فهدى فيه ستة أقوال .
أحدها: ضالا عن معالم النبوة، وأحكام الشريعة، فهداك إليها، قاله الجمهور، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك .
والثاني: أنه ضل وهو صبي صغير في شعاب
مكة، فرده الله إلى جده
عبد المطلب، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11870أبو الضحى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . [ ص: 159 ] والثالث:
أنه لما خرج مع ميسرة غلام خديجة أخذ إبليس بزمام ناقته، فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة، ورده إلى القافلة، فمن الله عليه بذلك، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب .
والرابع: أن المعنى: ووجدك في قوم ضلال، فهداك للتوحيد والنبوة، قاله ابن السائب .
والخامس: ووجدك نسيا، فهداك إلى الذكر . ومثله:
أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى [البقرة: 282]، قاله ثعلب .
والسادس: ووجدك خاملا لاتذكر ولا تعرف، فهدى الناس إليك حتى عرفوك، قاله
عبد العزيز بن يحيى، ومحمد بن علي الترمذي .
قوله تعالى:
ووجدك عائلا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: أي: ذا فقر . وأنشد:
وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل
أي: يفتقر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: العائل: الفقير، كان له عيال، أو لم يكن . يقال: عال الرجل: إذا افتقر . وأعال: إذا كثر عياله .
قوله تعالى:
فأغنى قولان .
أحدهما: رضاك بما أعطاك من الرزق، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15097ابن السائب، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء .
وقال: لم يكن غناه عن كثرة المال، ولكن الله رضاه بما آتاه .
[ ص: 160 ] والثاني: فأغناك بمال
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة عن
أبي طالب، قاله جماعة من المفسرين .
قوله تعالى:
فأما اليتيم فلا تقهر فيه قولان .
أحدهما: تحقر، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
والثاني: تقهره على ماله، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج وأما السائل ففيه قولان .
أحدهما: سائل البر، قاله الجمهور . والمعنى: إذا جاءك السائل، فإما أن تعطيه، وإما أن ترده ردا لينا . ومعنى
فلا تنهر لا تنهره، يقال: نهره وانتهره: إذا استقبله بكلام يزجره .
والثاني: أنه طالب العلم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم في آخرين .
قوله تعالى:
وأما بنعمة ربك فحدث في النعمة ثلاثة أقوال .
أحدها: النبوة .
والثاني: القرآن، رويا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
والثالث: أنها عامة في جميع الخيرات، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال: قرأت على
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . فلما بلغت "
والضحى " قال: كبر إذا
[ ص: 161 ] ختمت كل سورة حتى تختم . وقد قرأت على
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب فأمرني بذلك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15466علي بن أحمد النيسابوري: ويقال: إن الأصل في ذلك أن الوحي
nindex.php?page=hadith&LINKID=651057لما فتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال المشركون: قد هجره شيطانه وودعه، اغتم لذلك، فلما نزل " والضحى " كبر عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا بنزول الوحي، فاتخذه الناس سنة .