[ ص: 162 ] سورة الانشراح
مكية كلها بإجماعهم
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=30623_31034_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=1ألم نشرح لك صدرك nindex.php?page=treesubj&link=31061_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2ووضعنا عنك وزرك nindex.php?page=treesubj&link=31061_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3الذي أنقض ظهرك nindex.php?page=treesubj&link=31034_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=4ورفعنا لك ذكرك nindex.php?page=treesubj&link=32495_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا nindex.php?page=treesubj&link=32495_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إن مع العسر يسرا nindex.php?page=treesubj&link=29509_30499_30513_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=7فإذا فرغت فانصب nindex.php?page=treesubj&link=30513_34513_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8وإلى ربك فارغب .
قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=1ألم نشرح لك صدرك الشرح: الفتح بإذهاب ما يصد عن الإدراك . والله تعالى فتح صدر نبيه للهدى والمعرفة بإذهاب الشواغل التي تصدر عن إدراك الحق . ومعنى هذا الاستفهام: التقرير، أي: قد فعلنا ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2ووضعنا عنك وزرك أي: حططنا عنك إثمك الذي سلف في الجاهلية، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك، nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء، nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة في آخرين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: المعنى: أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: وأصل
[ ص: 163 ] الوزر: ما حمله الإنسان على ظهره، فشبه بالحمل فجعل مكانه . ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3أنقض ظهرك أثقله حتى سمع نقيضه، أي: صوته . وهذا مثل، يعني: أنه لو كان حملا يحمل لسمع نقيض الظهر منه . وذهب قوم إلى أن المراد بهذا تخفيف أعباء النبوة التي يثقل القيام بها الظهر، فسهل الله له ذلك حتى تيسر عليه الأمر . وممن ذهب إلى هذا
عبد العزيز بن يحيى .
قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=4ورفعنا لك ذكرك فيه خمسة أقوال .
أحدها: ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري nindex.php?page=hadith&LINKID=890905عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل عن هذه الآية، فقال: قال الله عز وجل: إذا ذكرت [ذكرت] معي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: فليس خطيب، ولا متشهد، ولا صاحب صلاة إلا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن
محمدا رسول الله، وهذا قول الجمهور .
والثاني: رفعنا لك ذكرك بالنبوة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام .
والثالث: رفعنا لك ذكرك في الآخرة كما رفعناه في الدنيا، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . [ ص: 164 ] والرابع: رفعنا لك ذكرك عند الملائكة في السماء .
والخامس: بأخذ الميثاق لك على الأنبياء، وإلزامهم الإيمان بك، والإقرار بفضلك، حكاهما
nindex.php?page=showalam&ids=13968الثعلبي .
قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا ضم سين " العسر " ، وسين " اليسر "
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر و " العسر " مذكور في الآيتين بلفظ التعريف . و " اليسر " مذكور بلفظ التنكير، فدل على أن العسر واحد، واليسر اثنان . قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في هذه [الآية]: لن يغلب عسر يسرين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: العرب إذا ذكرت نكرة ثم أعادتها بنكرة صارت اثنتين، كقولك: إذا كسبت درهما فأنفق درهما، فالثاني غير الأول، وإذا أعادتها معرفة، فهي كقولك: إذا كسبت درهما فأنفق الدرهم، فالثاني هو الأول . ونحو هذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: ذكر العسر بالألف واللام، ثم ثنى ذكره، فصار المعنى: إن مع العسر يسرين . وقال
الحسين بن يحيى الجرجاني -ويقال له: صاحب النظم-: معنى الكلام: لا يحزنك ما يعيرك به المشركون من الفقر "
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا " [عاجلا في الدنيا، فأنجزه بما وعده، بما فتح عليه، ثم ابتدأ فصلا آخر فقال: "
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إن مع العسر يسرا " ] والدليل على ابتدائه تعريه من الفاء والواو، وهو وعد لجميع المؤمنين أن مع عسر المؤمنين يسرا في الآخرة، فمعنى قولهم: لن يغلب عسر يسرين: لن يغلب عسر الدنيا اليسر الذي وعده الله المؤمنين في الدنيا، فاليسر الذي وعدهم في الآخرة،
[ ص: 165 ] إنما يغلب أحدهما، وهو يسر الدنيا . فأما يسر الآخرة، فدائم لا ينقطع، كقوله [صلى الله عليه وسلم]: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=658831شهرا عيد لا ينقصان " ، أي: لا يجتمعان في النقص . وحكي عن
العتبي قال:
[ ص: 166 ] كنت ذات ليلة في البادية بحالة من الغم، فألقي في روعي بيت من الشعر، فقلت:
أرى الموت لمن أصب ح مغموما له أروح
فلما جن الليل سمعت هاتفا يهتف:
ألا يا أيها المرء الـ ـذي الهم به برح
وقد أنشد بيتا لم يزل في فكره يسنح
إذا اشتد بك العسر ففكر في " ألم نشرح
"
فعسر بين يسرين إذا أبصرته فافرح
فحفظت الأبيات وفرج الله غمي .
قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=7فإذا فرغت فانصب أي: فادأب في العمل، وهو من النصب، والنصب: التعب، الدؤوب في العمل .
وفي معنى الكلام خمسة أقوال .
أحدها: فإذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
والثاني: فإذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك، nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل . [ ص: 167 ] والثالث: فإذا فرغت من أمر دنياك فانصب في عمل آخرتك، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
والرابع: فإذا فرغت من التشهد فادع لدنياك وآخرتك، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري .
والخامس: إذا صح بدنك فاجعل صحتك نصبا في العبادة، ذكره
علي بن أبي طلحة nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8وإلى ربك فارغب قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: اجعل رغبتك إلى الله عز وجل وحده .
[ ص: 162 ] سُورَةُ الِانْشِرَاحِ
مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا بِإِجْمَاعِهِمْ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=30623_31034_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=1أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ nindex.php?page=treesubj&link=31061_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ nindex.php?page=treesubj&link=31061_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ nindex.php?page=treesubj&link=31034_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=4وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ nindex.php?page=treesubj&link=32495_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا nindex.php?page=treesubj&link=32495_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا nindex.php?page=treesubj&link=29509_30499_30513_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=7فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ nindex.php?page=treesubj&link=30513_34513_29065nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ .
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=1أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ الشَّرْحُ: الْفَتْحُ بِإِذْهَابِ مَا يَصُدُّ عَنِ الْإِدْرَاكِ . وَاللَّهُ تَعَالَى فَتَحَ صَدْرَ نَبِيِّهِ لِلْهُدَى وَالْمَعْرِفَةِ بِإِذْهَابِ الشَّوَاغِلِ الَّتِي تُصْدِرُ عَنْ إِدْرَاكِ الْحَقِّ . وَمَعْنَى هَذَا الِاسْتِفْهَامِ: التَّقْرِيرُ، أَيْ: قَدْ فَعَلْنَا ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ أَيْ: حَطَطْنَا عَنْكَ إِثْمَكَ الَّذِي سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ، nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ، nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ، nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ، nindex.php?page=showalam&ids=13436وَابْنُ قُتَيْبَةَ فِي آخَرِينَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى: أَنَّهُ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَأَصْلُ
[ ص: 163 ] الْوِزْرِ: مَا حَمَلَهُ الْإِنْسَانُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَشُبِّهَ بِالْحِمْلِ فَجُعِلَ مَكَانَهُ . وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أَثْقَلَهُ حَتَّى سُمِعَ نَقِيضُهُ، أَيْ: صَوْتُهُ . وَهَذَا مَثَلٌ، يَعْنِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ حِمْلًا يُحْمَلُ لَسُمِعَ نَقِيضُ الظَّهْرِ مِنْهُ . وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا تَخْفِيفُ أَعْبَاءِ النُّبُوَّةِ الَّتِي يُثْقِلُ الْقِيَامُ بِهَا الظَّهْرَ، فَسَهَّلَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى تَيَسَّرَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى .
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=4وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ .
أَحَدُهَا: مَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=890905عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَ جِبْرِيلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا ذُكِرْتُ [ذُكِرْتَ] مَعِي . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ: فَلَيْسَ خَطِيبٌ، وَلَا مُتَشَهِّدٌ، وَلَا صَاحِبُ صَلَاةٍ إِلَّا يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ .
وَالثَّانِي: رَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ بِالنُّبُوَّةِ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17317يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ .
وَالثَّالِثُ: رَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ فِي الْآخِرَةِ كَمَا رَفَعْنَاهُ فِي الدُّنْيَا، حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ . [ ص: 164 ] وَالرَّابِعُ: رَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ .
وَالْخَامِسُ: بِأَخْذِ الْمِيثَاقِ لَكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَإِلْزَامِهِمُ الْإِيمَانَ بِكَ، وَالْإِقْرَارِ بِفَضْلِكَ، حَكَاهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=13968الثَّعْلَبِيُّ .
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ضَمَّ سِينَ " الْعُسْرِ " ، وَسِينَ " الْيُسْرِ "
nindex.php?page=showalam&ids=11962أَبُو جَعْفَرٍ وَ " الْعُسْرُ " مَذْكُورٌ فِي الْآيَتَيْنِ بِلَفْظِ التَّعْرِيفِ . وَ " الْيُسْرُ " مَذْكُورٌ بِلَفْظِ التَّنْكِيرِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعُسْرَ وَاحِدٌ، وَالْيُسْرَ اثْنَانِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ، nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ [الْآيَةِ]: لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ إِذَا ذَكَرَتْ نَكِرَةً ثُمَّ أَعَادَتْهَا بِنَكِرَةٍ صَارَتِ اثْنَتَيْنِ، كَقَوْلِكَ: إِذَا كَسَبْتَ دِرْهَمًا فَأَنْفِقْ دِرْهَمًا، فَالثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ، وَإِذَا أَعَادَتْهَا مَعْرِفَةً، فَهِيَ كَقَوْلِكَ: إِذَا كَسَبْتَ دِرْهَمًا فَأَنْفِقِ الدِّرْهَمَ، فَالثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ . وَنَحْوَ هَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ: ذَكَرَ الْعُسْرَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، ثُمَّ ثَنَّى ذِكْرَهُ، فَصَارَ الْمَعْنَى: إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرَيْنِ . وَقَالَ
الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى الْجُرْجَانِيُّ -وَيُقَالُ لَهُ: صَاحِبُ النَّظْمِ-: مَعْنَى الْكَلَامِ: لَا يُحْزِنْكَ مَا يُعَيِّرُكَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْفَقْرِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا " [عَاجِلًا فِي الدُّنْيَا، فَأَنْجَزَهُ بِمَا وَعَدَهُ، بِمَا فَتَحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَصْلًا آخَرَ فَقَالَ: "
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا " ] وَالدَّلِيلُ عَلَى ابْتِدَائِهِ تَعَرِّيهِ مِنَ الْفَاءِ وَالْوَاوِ، وَهُوَ وَعْدٌ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ مَعَ عُسْرِ الْمُؤْمِنِينَ يُسْرًا فِي الْآخِرَةِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ: لَنْ يَغْلِبَ عُسْرُ الدُّنْيَا الْيُسْرَ الَّذِي وَعَدَهُ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا، فَالْيُسْرَ الَّذِي وَعَدَهُمْ فِي الْآخِرَةِ،
[ ص: 165 ] إِنَّمَا يَغْلِبُ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ يُسْرُ الدُّنْيَا . فَأَمَّا يُسْرُ الْآخِرَةِ، فَدَائِمٌ لَا يَنْقَطِعُ، كَقَوْلِهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=658831شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ " ، أَيْ: لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّقْصِ . وَحُكِيَ عَنِ
الْعَتَبِيِّ قَالَ:
[ ص: 166 ] كُنْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْبَادِيَةِ بِحَالَةٍ مِنَ الْغَمِّ، فَأُلْقِيَ فِي رُوعِي بَيْتٌ مِنَ الشِّعْرِ، فَقُلْتُ:
أَرَى الْمَوْتَ لِمَنْ أَصْبَ حَ مَغْمُومًا لَهُ أَرْوَحْ
فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ سَمِعْتُ هَاتِفًا يَهْتِفُ:
أَلَا يَا أَيُّهَا الْمَرْءُ الَّـ ـذِي الْهَمُّ بِهِ بَرَّحْ
وَقَدْ أَنْشَدَ بَيْتًا لَمْ يَزَلْ فِي فِكْرِهِ يَسْنَحْ
إِذَا اشْتَدَّ بِكَ الْعُسْرُ فَفَكِّرْ فِي " أَلَمْ نَشْرَحْ
"
فَعُسْرٌ بَيْنَ يُسْرَيْنِ إِذَا أَبْصَرْتَهُ فَافْرَحْ
فَحَفِظْتُ الْأَبْيَاتَ وَفَرَّجَ اللَّهُ غَمِّي .
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=7فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ أَيْ: فَادْأَبْ فِي الْعَمَلِ، وَهُوَ مِنَ النَّصَبِ، وَالنَّصَبُ: التَّعَبُ، الدُّؤُوبُ فِي الْعَمَلِ .
وَفِي مَعْنَى الْكَلَامِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ .
أَحَدُهَا: فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْفَرَائِضِ فَانْصَبْ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ .
وَالثَّانِي: فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الصَّلَاةِ فَانْصَبْ فِي الدُّعَاءِ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ، nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ، nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلٌ . [ ص: 167 ] وَالثَّالِثُ: فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ فَانْصَبْ فِي عَمَلِ آخِرَتِكَ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ .
وَالرَّابِعُ: فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ التَّشَهُّدِ فَادْعُ لِدُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ، nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ .
وَالْخَامِسُ: إِذَا صَحَّ بَدَنُكَ فَاجْعَلْ صِحَّتَكَ نَصْبًا فِي الْعِبَادَةِ، ذَكَرَهُ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ: اجْعَلْ رَغْبَتَكَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ .