القول في تأويل قوله تعالى :
[ 32 ]
وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم .
وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم [ ص: 2985 ] هذا أسلوب من الجحود بليغ ، لأنهم عدوا حقية القرآن محالا ، فلذا علقوا عليه طلب العذاب الذي لا يطلبه عاقل ، ولو كان ممكنا لفروا من تعليقه عليه .
والمعنى ، إن كان هذا القرآن حقا منزلا ، فعاقبنا على إنكاره بالسجيل ، كما فعلت بأصحاب الفيل ، أو بعذاب آخر .
وفي إطلاقهم ( الحق ) عليه ، وجعله من عند الله ، تهكم بمن يقول ذلك ، من النبي أو المؤمنين . وفائدة التعريف فيه الدلالة على أن المعلق به كونه حقا على الوجه ، يدعيه صلى الله عليه وسلم ، وهو تنزيله ، لا الحق مطلقا ، لتجويزهم أن يكون مطابقا للواقع ، غير منزل كالأساطير ، فالتعريف للعهد .
و : ( أمطر ) استعارة أو مجاز ( لأنزل ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقد كثر الإمطار في معنى العذاب . فإن قلت : ما فائدة قوله :
من السماء والإمطار لا يكون إلا منها ؟ قلت : كأنه أريد أن يقال : فأمطر علينا السجيل ، وهي الحجارة المسومة للعذاب ، فوضع :
حجارة من السماء موضع ( السجيل ) ، كما تقول : صب عليه مسرودة من حديد ، تريد درعا .
وقوله :
بعذاب أليم أي : سوى الإمطار المذكور ، أو من عطف العام على الخاص .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، أنه قال لرجل من
سبأ : ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة ! قال : أجهل من قومي قومك ! قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعاهم إلى الحق : إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة ، ولم يقولوا إن كان هذا هو الحق فاهدنا له .
أي : الذي هو الأصلح لهم ، ولكن لشدة جهلهم وعتوهم وعنادهم استفتحوا على أنفسهم ، واستعجلوا تقديم العقوبة ، كقوله تعالى :
ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب وقوله :
سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج وكذلك قال الجهلة من الأمم السالفة ، كما قال قوم
شعيب له :
فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين [ ص: 2986 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير أن قائل ذلك
النضر بن الحارث ، صاحب القول السالف .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : لقد أنزل في
النضر بضع عشرة آية ، فحاق به ما سأل من العذاب يوم
بدر .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن قائل ذلك
أبو جهل .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة قال : رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص واقفا يوم
أحد على فرس وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول
محمد حقا فاخسف بي وبفرسي .
وقوله تعالى :