الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [ 31 ] وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا أي : مثل هذا لو نشاء لقلنا مثل هذا أي : المتلو .

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا غاية المكابرة ونهاية العناد .

                                                                                                                                                                                                                                      كيف لا ؟ ولو استطاعوا شيئا من ذلك , [ ص: 2984 ] فما الذي كان يمنعهم من المشيئة ، وقد تحدوا غير ما مرة أن يأتوا بسورة من مثله ، وقرعوا على العجز ، وذاقوا من ذلك الأمرين ، ثم قورعوا بالسيف ، فلم يعارضوا سواه ، مع فرط أنفتهم ، واستنكافهم أن يغلبوا ، خصوصا في باب البيان الذي هم فرسانه ، المالكون لأزمته ، وغاية ابتهاجهم به .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : إن هذا إلا أساطير الأولين أي : ما سطروه وكتبوه من القصص . قيل : ( أساطير ) لا واحد له ، وقيل : هو جمع؛ أسطر وسطور وأسطار ، جموع سطر وأحاديث . والأصل في السطر الخط والكتابة . يقال : سطر : كتب ، ويطلق على الصف من الشيء كالكتاب والشجر . كذا في القاموس وشرحه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد روي أن قائل هذا النضر بن الحارث من كلدة ، وأنه كان ذهب إلى بلاد فارس وجاء منها بنسخة حديث رستم وأسفنديار ، ولما قدم ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه الله ، وهو يتلو على الناس ما قصه تعالى من أحاديث القرون .

                                                                                                                                                                                                                                      قال : لو شئت لقلت مثل هذا ، فزعم أنه مثل ما تلقفه ، وكان عليه الصلاة والسلام إذا قام من مجلس ، جلس فيه النضر فحدثهم من متلقفاته . ثم يقول : بالله ! أينا أحسن قصصا ، أنا أو محمد ؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أمكن الله تعالى منه يوم بدر ، وأسره المقداد ، ثم أمر صلى الله عليه وسلم به ، فضربت عنقه .


                                                                                                                                                                                                                                      وإسناده قوله إلى الجميع ، إما لرضا الباقين به أو لأن قائله كبير متبع ، وقد كان اللعين قاصهم الذي يعلمهم الباطل ويقودهم إليه ، ويغرهم بمثل هذه الجعجعة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية