وأما
جعل الهدى في قلوب العباد فهو إلى الله تعالى لا إلى الرسول كما قال الله تعالى : {
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } وقال تعالى : {
إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل } . وكذلك دعاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واستغفارهم وشفاعتهم هو سبب ينفع إذا جعل الله تعالى : المحل قابلا له وإلا فلو استغفر النبي للكفار والمنافقين لم يغفر لهم قال الله تعالى : {
سواء عليهم أأستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم } . وأما
الرسل فقد تبين أنهم هم الوسائط بيننا وبين الله عز وجل في أمره ونهيه ووعده ووعيده وخبره فعلينا أن نصدقهم في كل ما أخبروا به ونطيعهم فيما أوجبوا وأمروا وعلينا أن نصدق بجميع أنبياء الله عز وجل ; لا نفرق بين أحد منهم ومن سب واحدا منهم كان كافرا مرتدا مباح الدم . وإذا تكلمنا فيما يستحقه الله تبارك وتعالى من التوحيد بينا أن
الأنبياء وغيرهم من المخلوقين لا يستحقون ما يستحقه الله تبارك وتعالى من خصائص : فلا يشرك بهم ولا يتوكل عليهم ولا يستغاث بهم كما يستغاث بالله ولا يقسم
[ ص: 309 ] على الله بهم ولا يتوسل بذواتهم وإنما يتوسل بالإيمان بهم وبمحبتهم وطاعتهم وموالاتهم وتعزيرهم وتوقيرهم ومعاداة من عاداهم وطاعتهم فيما أمروا وتصديقهم فيما أخبروا وتحليل ما حللوه وتحريم ما حرموه .