قوله تعالى:
ثم إنكم أيها الضالون المكذبون (51)
لآكلون من شجر من زقوم (52)
فمالئون منها البطون (53)
فشاربون عليه من الحميم (54)
فشاربون شرب الهيم (55)
هذا نـزلهم يوم الدين
قال الله عز وجل:
ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم هذا نـزلهم يوم الدين
والنزل هو ما يعد للضيف عند قدومه، فدلت هذه الآيات على أن
أهل النار يتحفون عند دخولها بالأكل من شجرة الزقوم والشرب من الحميم، وهم إنما يساقون إلى جهنم عطاشا، كما قال تعالى:
ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبو عمران الجوني : بلغنا أن أهل النار يبعثون عطاشا ثم يقفون مشاهد القيامة عطاشا، ثم قرأ:
ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في تفسير هذه الآية: متقطعة أعناقهم عطشا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17096مطر الوراق : عطاشا: ظماء .
وفي "الصحيحين " عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة الطويل:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654215 "إنه يقال [ ص: 333 ] لليهود والنصارى: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى جهنم كأنهما سراب يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النار" .
وقال
أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: ما ظنك بقوم قاموا على أقدامهم خمسين ألف سنة لم يأكلوا فيها أكلة ولم يشربوا فيها شربة حتى انقطعت أعناقهم عطشا واحترقت أجوافهم جوعا، ثم انصرف بهم إلى النار فيسقون من عين آنية قد آن حرها واشتد نضجها .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب ، قال: إن الله ينظر إلى عبده يوم القيامة وهو غضبان، فيقول: خذوه، فيأخذه مائة ألف ملك أو يزيدون . فيجمعون بين ناصيته وقدميه غضبا لغضب الله، فيسحبونه على وجهه إلى النار، قال: فالنار أشد عليه غضبا من غضبهم سبعين ضعفا . قال: فيستغيث بشربة، فيسقى شربة يسقط منها لحمه وعصبه، ثم يركس - أو يدكس - في النار، فويل لها من النار .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك : حدثت عن بعض أهل
المدينة أنه يتفتت في أيديهم إذا أخذوه فيقول: ألا ترحموني، فيقولون: كيف نرحمك ولم يرحمك أرحم الراحمين .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
مالك بن الحارث ، قال: إذا طرح الرجل في النار هوى فيها، فإذا انتهى إلى بعض أبوابها قيل: مكانك حتى تتحف، قال: فيسقى كأسا من سم الأساود والعقارب، فيتميز الجلد على حدة، والشعر على حدة، والعصب على حدة، والعروق على حدة . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم . وروى
محمد بن سليمان بن الأصبهاني، عن
أبي سنان ضرار بن مرة، [ ص: 334 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=16401عبد الله بن أبي الهذيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=2001780 "إن جهنم لما سيق إليها أهلها تلقتهم فلفحتهم لفحة، فلم تدع لحما على عظم إلا ألقته على العرقوب " خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ورفعه منكر، فقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12034أبي سنان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16401عبد الله بن أبي الهذيل أو غيره من قوله لم يرفعه . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12034أبي سنان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16401عبد الله بن أبي الهذيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة من قوله في قوله تعالى:
لواحة للبشر قال:
تلقاهم جهنم يوم القيامة فتلفحهم لفحة، فلا تترك لحما على عظم إلا وضعته على العراقيب .
* * *
وأما شرابهم فقال الله تعالى:
فشاربون عليه من الحميم وقال تعالى:
وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم وقال تعالى:
لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا وقال تعالى:
هذا فليذوقوه حميم وغساق وآخر من شكله أزواج وقال تعالى:
ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه وقال تعالى:
وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا فهذه أربعة أنواع ذكرناها من شرابهم، وقد ذكرها الله في كتابه: النوع الأول: الحميم - قال
عبد الله بن عيسى الخراز، عن
داود، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الحميم الحار الذي يحرق .
[ ص: 335 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : الحميم الذي قد انتهى حره .
وقال
جويبر عن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : يسقى من حميم يغلي من يوم خلق الله السماوات والأرض إلى يوم يسقونه ويصب على رؤوسهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
ابن زيد : الحميم دموع أعينهم في النار يجتمع في حياض النار فيسقونه . وقال تعالى:
يطوفون بينها وبين حميم آن قال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب : حميم آن: حاضر، وخالفه الجمهور، فقالوا: بل المراد بالآن: ما انتهى حره .
وقال
شبيب، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : حميم آن: الذي قد انتهى غليه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15991سعيد بن بشير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : قد آن طبخه، منذ خلق الله السماوات والأرض، وقال تعالى:
تسقى من عين آنية قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : قد بلغ حرها، وحان شربها .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، قال: كانت العرب تقول للشيء إذا انتهى حره حتى لا يكون شيء أحر منه: قد آن حره، فقال الله عز وجل:
من عين آنية يقول: قد أوقد الله عليها جهنم منذ خلقت، وآن حرها . وعنه قال: آن طبخها منذ خلق الله السموات والأرض .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : انتهى حرها، فليس بعده حر . وقد سبق حديث
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، في دفع الحميم إليهم بكلاليب الحديد .
النوع الثاني: الغساق - قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
الغساق: ما يسيل من بين جلد [ ص: 336 ] الكافر ولحمه . وعنه قال: الغساق: الزمهرير البارد، الذي يحرق من برده .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قال: الغساق: القيح الغليظ، لو أن قطرة منه تهرق في المغرب، لأنتنت أهل المشرق، ولو أهرقت في المشرق، لأنتنت أهل المغرب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : غساق: الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من برده . وقال
عطية: هو ما يغسق من جلودهم - يعني يسيل من جلودهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب : غساق: عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة، من حية وعقرب وغير ذلك، فيستنقع; فيؤتى بالآدمي، فيغمس فيها غمسة واحدة، فيخرج وقد سقط جلده ولحمه عن العظام; ويتعلق جلده ولحمه في عقبيه وكعبيه، ويجر لحمه، كما يجر الرجل ثوبه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : الغساق: الذي يسيل من أعينهم من دموعهم، يسقونه مع الحميم .
وروى
دراج، عن
أبي الهيثم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=888783لو أن دلوا من غساق، يهرق في الدنيا، لأنتن أهل الدنيا" خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15564بلال بن سعد : لو أن دلوا من الغساق، وضع على الأرض، لمات من عليها . وعنه قال: لو أن قطرة منه، وقعت على الأرض، لأنتن من فيها . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم .
[ ص: 337 ] وقد صرح
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في رواية عنه،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، بأن الغساق ههنا هو البارد الشديد البرد . ويدل عليه قوله تعالى:
لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا فاستثنى من البرد الغساق ومن الشراب الحميم . وقد قيل: إن الغساق هو البارد المنتن، وليس بعربي . وقيل: إنه عربي، وإنه فعال من غسق يغسق، والغاسق: الليل، وسمي غاسقا لبرده .
النوع الثالث: الصديد: - قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في قوله تعالى:
ويسقى من ماء صديد
قال: يعني القيح والدم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة :
ويسقى من ماء صديد قال: ما يسيل من بين لحمه وجلده; قال:
يتجرعه ولا يكاد يسيغه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : هل لكم بهذا يدان، أم لكم على هذا صبر؟ طاعة الله أهون عليكم - يا قوم - فأطيعوا الله ورسوله . وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=702099عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، في قوله: ويسقى من ماء صديد يتجرعه قال: يقرب إلى فيه فيكرعه، فإذا أدني منه، شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه; فإذا شربه قطع أمعاءه، حتى يخرج من دبره، يقول الله تعالى: وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم وقال: وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا
وروى
أبو يحيى القتات، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: في جهنم أودية من قيح تكتاز ثم تصب في فيه .
وفي "صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=695196 "إن على الله عهدا لمن شرب المسكرات ليسقيه من طينة الخبال " . قالوا: يا رسول الله: وما طينة الخبال؟ قال: "عرق أهل النار أو عصارة أهل النار .
وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في "صحيحه " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، إلا أنه ذكر ذلك في المرة الرابعة، وفي بعض الروايات "من عين الخبال " . وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر نحوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه قال: "من نهر الخبال " . قيل: يا
أبا عبد الرحمن ما نهر الخبال؟ قال: نهر من صديد أهل النار . وقال: حديث حسن . وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=675118 "من طينة الخبال " قيل: يا رسول الله ما طينة الخبال؟ قال: "صديد أهل النار" . وفي رواية أخرى قال:
"ما يخرج من زهومة أهل النار وصديدهم " . وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد بمعناه أيضا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر nindex.php?page=showalam&ids=10382وأسماء بنت يزيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في "صحيحه " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى [ ص: 339 ] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=937140 "من مات وهو مدمن خمر سقاه الله من نهر الغوطة"، قيل: وما نهر الغوطة؟ قال: "نهر يخرج من فروج المومسات يؤذي أهل النار نتن فروجهم " .
وقد سبق حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المتكبرين وفيه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664786 "يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال " .
النوع الرابع: الماء الذي كالمهل، خرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث
دراج عن
أبي الهيثم عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد nindex.php?page=hadith&LINKID=664874عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: كالمهل قال: "كعكر الزيت، فإذا قرب إلى وجهه سقطت فروة وجهه فيه " . قال
عطية: سئل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن قوله:
كالمهل قال: غليظ كدردي الزيت، قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أسود كمهل الزيت; وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وغيره . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : أذاب
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود فضة من بيت المال ثم أرسل إلى أهل المسجد، فقال: من أحب أن ينظر إلى المهل فلينظر إلى هذا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : بماء كالمهل: مثل القيح والدم أسود كعكر الزيت .
وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق تمام بن نجيح عن الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=910128 "لو أن غربا جعل من حميم جهنم وجعل وسط الأرض لآذى نتن ريحه وشدة حره ما بين المشرق والمغرب " .
وفي موعظة
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي للمنصور قال: بلغني
أن جبريل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: [ ص: 340 ] " لو أن ذنوبا من شراب جهنم صب في ماء الأرض جميعا لقتل من ذاقه " .
خرج بعض المتقدمين فمر بكروم بقرية يقال لها:
طيزناباد، وكأنه كان يعصر فيها الخمر، فأنشد يقول:
بطيزناباد كرم ما مررت به . إلا تعجبت ممن يشرب الماء
فهتف به هاتف يقول:
وفي جهنم ماء ما تجرعه . حلق فأبقى له في البطن أمعاء