وقد أوضح الله الحق وبينه فقال تعالى:
قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل
أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - وقد بشر وأنذر أن يبين لهم أن الحق قد جاءهم بدلائله وقامت أعلامه، وقد علموا طريق الغواية وما فيه من اعوجاج، وطريق الهداية وما فيه من استقامة، فمن شاء سلك طريق الهداية وأصاب فيه الخير، ومن شاء سار في طريق الضلال، أصابه الشر، ويكون في ضلاله عائدا بالضرر على نفسه.
[ ص: 3647 ]
ولذا قال سبحانه:
قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم أي: جاءكم الأمر الثابت في ذاته وبأدلته وبراهينه من رسول منذر ومبشر وقرآن مبين فيه تكليفات الله تعالى الهادية إلى سواء السبيل والداعية إلى الخير المبينة لطريقه والتي هي في ذاتها رشاد لمن أرادها طريقا مستقيما لا عوج فيه، فمن اهتدى بهدى هذا الحق فسمع وأطاع فإنما يهتدي لنفسه، أي: نفع بالهداية نفسه إذ هي الخير كله، والله غني عن عباده،
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - لا عمل عليه إلا أن يبشر، ومن ضل فإنما يضل على نفسه بسلكه الغواية وتركه طريق الهداية بعد أن بدت الأعلام واضحة هادية، وعاقبة الضلال تعود عليه إذ يسير في متاهة الباطل والفساد ومغبة ذلك عليه وحده.
ويقول - صلى الله عليه وسلم - بأمر ربه:
وما أنا عليكم بوكيل فينفي أنه وكيل وقد وكل إليه أمر المحافظة عليهم.
والباء في قوله: (بوكيل) لاستغراق النفي، أي: لست عليكم حفيظا قد وكل إلي أمركم - بأي حال من الأحوال - إنما أنا مرشد.
كما قال تعالى:
إن عليك إلا البلاغ وقد بلغت، وكما قال تعالى:
إنما أنت منذر ولكل قوم هاد