[ ص: 4267 ] وقد أكد سبحانه معنى الاستعاذة ببيان أنه ليس له سلطان على الذين آمنوا فقال عز من قائل:
إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون يحصن المؤمنين من الشيطان أمور ثلاثة:
الحصن الأول: الاستعاذة منه بالقلب واللسان كما أمر الله تعالى:
فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=103178 " علمنيها جبريل " فإن الاستعاذة تحصين للقلب من وساوس الشيطان، ودخول هذا الحصن قراءة القرآن الكريم.
والحصن الثاني: الإيمان، فإن الإيمان حصن الحق من الغرور والأوهام والأهواء، وكلها ذرائع الشيطان؛ ولذا قال في وعيده بالإغواء:
ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين
والحصن الثالث: التوكل على الله حق توكله، وأخذ الأسباب وتفويض الأمر إليه تعالى، وهو العلي القدير.
وهذا هو مؤدى قوله تعالى:
إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا والضمير في (إنه) يعود إلى الشيطان المذكور في قوله تعالى:
فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم والسلطان الحجة والبرهان والاستيلاء على النفس المؤمنة، ولا يمكن أن يكون له ذلك عليها؛ لأنها تعرف أنه عدوها ومرديها ومفسدها، وماضيه في ذلك عندها معروف علمها إياه الحكيم العليم، وهي تتوكل على الله وحده، فلا يمكن أن يستولي عليها، فالنفس المؤمنة ليست فارغة حتى يتولاها.
وقوله تعالى:
وعلى ربهم يتوكلون فيه تقديم الجار والمجرور على الفعل يفيد القصر، أي لا يتوكل المؤمنون إلا على الله، فليس في قلوبهم فراغ للشيطان يحتله، والتعبير بـ(ربهم) يزكي توكلهم؛ لأنه الذي ذرأهم ورباهم
[ ص: 4268 ] وكونهم، وإنما الشيطان يحتل بولايته من لا ولاية له مع الله، وفي نفوسهم فراغ من سلطان الله تعالى، ولذا قال تعالى: