صفحة جزء
[ ص: 77 ] نظافة المكان

[فصل]

ويستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار ، ولهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعا للنظافة، وشرف البقعة، ومحصلا لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف؛ فإنه ينبغي لكل جالس في المسجد الاعتكاف ، سواء أكثر في جلوسه [ ص: 78 ] أو أقل، بل ينبغي أول دخوله المسجد أن ينوي الاعتكاف، وهذا الأدب ينبغي أن يعتنى به ويشاع ذكره، ويعرفه الصغار والعوام؛ فإنه مما يغفل عنه.

وأما القراءة في الحمام فقد اختلف السلف في كراهيتها:

فقال أصحابنا: لا يكره، ونقله الإمام المجمع على جلالته أبو بكر بن المنذر في "الإشراف" عن إبراهيم النخعي ومالك ، وهو قول عطاء .

وذهب إلى كراهته جماعات؛ منهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - رواه عنه ابن أبي داود .

وحكى ابن المنذر عن جماعة من التابعين، منهم: أبو وائل شقيق بن سلمة ، والشعبي ، والحسن البصري ، ومكحول ، وقبيصة بن ذؤيب [ ص: 79 ] ورويناه - أيضا – عن إبراهيم النخعي ، وحكاه أصحابنا عن أبي حنيفة - رضي الله عنهم أجمعين - قال الشعبي :

تكره القراءة في ثلاثة مواضع:

1 - في الحمامات.

2 – والحشوش.

3 - وبيوت الرحى وهي تدور.

وعن أبي ميسرة قال: لا يذكر الله إلا في مكان طيب.

وأما القراءة في الطريق فالمختار أنها جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها، فإن التهى عنها كرهت كما كره النبي - صلى الله عليه وسلم - القراءة للناعس؛ مخافة من الخلط.

وروى أبو داود ، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ في الطريق .

وروى عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - أنه أذن فيها.

قال ابن أبي داود : حدثني أبو الربيع قال: أخبرنا ابن وهب قال: سألت مالكا عن الرجل يصلي من آخر الليل فيخرج إلى المسجد، وقد بقي من السورة التي كان يقرأ فيها شيء؟

قال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق، وكره ذلك، وهذا إسناد صحيح عن مالك رحمه الله.

التالي السابق


الخدمات العلمية