احترام القرآن
[فصل]
ومما يعتنى به ويتأكد الأمر به
احترام القرآن من أمور قد يتساهل فيها بعض الغافلين القارئين مجتمعين:
فمن ذلك اجتناب الضحك، واللغط، والحديث في خلال القراءة، إلا كلاما يضطر إليه.
وليمتثل قول الله تعالى:
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون [ ص: 93 ] وليقتد بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998ابن أبي داود ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما -: أنه كان إذا قرأ القرآن لا يتكلم حتى يفرغ منه ذكره في كتاب التفسير في قوله تعالى:
نساؤكم حرث لكم
ومن ذلك العبث باليد وغيرها؛ فإنه يناجي ربه سبحانه وتعالى، فلا يعبث بين يديه.
ومن ذلك النظر إلى ما يلهي ويبدد الذهن.
وأقبح من هذا كله النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه، كالأمرد وغيره، فإن النظر إلى الأمرد الحسن من غير حاجة حرام، سواء كان بشهوة أو بغيرها، سواء أمن الفتنة أو لم يأمنها.
هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء، وقد نص على تحريمه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الإمام الشافعي ، ومن لا يحصى من العلماء، ودليله قوله تعالى:
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم
ولأنه في معنى المرأة، بل ربما كان بعضهم أو كثير منهم أحسن من كثير من النساء، ويتمكن من أسباب الريبة فيه، ويتسهل من طرق الشر في حقه ما لا يتسهل في حق المرأة، فكان تحريمه أولى، وأقاويل السلف في التنفير منهم أكثر من أن تحصى, وقد سموهم الأنتان؛ لكونهم مستقذرين شرعا.
[ ص: 94 ] وأما النظر إليه في حال البيع والشراء والأخذ والإعطاء والتطبب والتعليم ونحوها من مواضع الحاجة - فجائز للضرورة، لكن يقتصر الناظر على قدر الحاجة، ولا يديم النظر من غير ضرورة.
[ ص: 95 ] وكذا المعلم إنما يباح له النظر الذي يحتاج إليه.
ويحرم عليهم كلهم في كل الأحوال النظر بشهوة، ولا يختص هذا بالأمرد، بل يحرم على كل مكلف النظر بشهوة إلى كل أحد، رجلا كان أو
[ ص: 96 ] امرأة، محرما كانت المرأة أو غيرها إلا الزوجة أو المملوكة التي يملك الاستمتاع بها. حتى قال أصحابنا: يحرم النظر بشهوة إلى محارمه كأخته وأمه، والله أعلم.
وعلى الحاضرين مجلس القراءة إذا رأوا شيئا من هذه المنكرات المذكورة أو غيرها أن ينهوا عنه حسب الإمكان باليد لمن قدر، وباللسان لمن عجز عن اليد وقدر على اللسان، وإلا فلينكر بقلبه، والله أعلم.