( قوله وتسمية الله تعالى ) لفظها المنقول عن السلف ، وقيل عن النبي صلى الله عليه وسلم : باسم [ ص: 22 ] الله العظيم والحمد لله على دين الإسلام ، وقيل الأفضل : بسم الله الرحمن الرحيم بعد التعوذ ، وفي المجتبى يجمع بينهما ، وفي المحيط : لو قال لا إله إلا الله أو الحمد لله أو أشهد أن لا إله إلا الله يصير مقيما للسنة ، وهو بناء على أن لفظ بسم أعم مما ذكرنا .
ولفظ أبي داود { nindex.php?page=hadith&LINKID=30871لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه } وضعف بالانقطاع ، وهو عندنا كالإرسال بعد عدالة الرواة وثقتهم لا يضر ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=31122لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه } وأعل بأن ربيحا ليس بمعروف . ونوزع في ذلك عن أبي زرعة : ربيح شيخ ، وقال ابن عمار : ثقة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار : روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=16799فليح بن سليمان وعبد العزيز الدراوردي وكثير بن زيد وغيرهم ، قال : nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم : سألت nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عن التسمية في الوضوء فقال : أحسن ما فيها حديث كثير بن زيد ، ولا أعلم فيها حديثا ثابتا ، وأرجو أن يجزئه الوضوء ; لأنه ليس فيه حديث أحكم به ا هـ .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر { nindex.php?page=hadith&LINKID=81864أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فقال : إذا [ ص: 23 ] رأيتني على هذه الحالة إلخ } ولينظر في التوفيق بين هذه وكيف كان فهي متظافرة على عدم ذكره صلى الله عليه وسلم اسم الله تعالى على غير طهارة ، ومقتضاه انتفاؤه في أول الوضوء الكائن عن حدث ، وما أعل به غير قادح للمتأمل فهي معارضة لخبر التسمية بعد القول بحسنه بناء على أن كثرة طرق الضعيف ترقيه إلى ذلك وهو أوجه القولين على ما سنبينه في غير موضع إن شاء الله تعالى ، بل بعضها بخصوصه حسن لمن تأمل كلام أهل الشأن عليها فيخرجه من السنة كما أخرجه عن الإيجاب الذي هو ظاهره ، وكذا عدم نقلها في حكاية nindex.php?page=showalam&ids=8علي وعثمان يدل على ما قلنا .
والجواب أن الضعف منتف لما قلنا ، والمعارضة غير متحققة ; لأن كراهة ذكر الله لا يكون من متممات الوضوء لا يستلزم كراهة ما جعل شرعا من ذكر الله تعالى تكميلا له بعد ثبوت جعله كذلك بالحديث الحسن ، فذلك الذكر ضروري للوضوء الكامل شرعا فلا تعارض للاختلاف ، وعدم نقلها في حكايتيهما إما ; لأنهما إنما حكيا الأفعال التي هي الوضوء والتسمية ليست من نفسه بل ذكر يفتتح هو بها ، وصدق هذا التركيب يفيد خروجها عن مسماه ، وإما لعدم نقل الرواة عنهما ، وإن قالاها ; إذ قد ينقل الراوي بعض الحديث اشتغالا بالمهم بناء على اشتهار الافتتاح بالتسمية بين السلف في كل أمر ذي بال ، كما روى أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه { nindex.php?page=hadith&LINKID=81865كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع } وفي رواية { nindex.php?page=hadith&LINKID=512أجذم } وفي رواية { لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم } رواها nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من طريقين وحسنه nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح وإن كان فيه قرة .
وبالجملة عدم النقل لا ينفي الوجود فكيف بعد الثبوت بوجه آخر ، ألا يرى أنهم لم ينقلوا من حكايتهما التخليل ، ولا شبهة في اعتقادي أنه من فعله صلى الله عليه وسلم وكذا لم ينقلوا السواك وهو عند أصحابنا من سنن الوضوء ، وبعض من حكى لم يحك غسل اليدين أولا ولم يقدح ذلك في ثبوتها إذا ثبت بطرق .
وما قيل إنه لا مدخل للوجوب في الوضوء ; لأنه شرط تابع ، فلو قلنا بالوجوب فيه المساوي التبع الأصل غير لازم إذ اشتراكهما بثبوت الواجب فيهما لا يقتضيه لثبوت عدم المساواة بوجه آخر نحو إنه لا يلزم بالنذر ، بخلاف الصلاة مع أنه لا مانع من الحكم بأن واجبه أحط رتبة من واجب الصلاة كفرضه بالنسبة إلى فرضها .
فإن قيل : يرد عليه ما قالوه من أن الأدلة السمعية على أربعة أقسام .
الرابع منها ما هو ظني الثبوت والدلالة وأعطوا حكمه إفادة السنية والاستحباب وجعلوا منه خبر التسمية ، وصرح [ ص: 24 ] بعضهم بأن وجوب الفاتحة ليس من قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=30835لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب } بل بالمواظبة من غير ترك لذلك ، فالجواب إن أرادوا بظني الدلالة مشتركها سلمنا الأصل المذكور ومنعنا كون الخبرين من ذلك ، بل نفي الكمال فيهما احتمال يقابله الظهور فإن النفي متسلط على الوضوء والصلاة فيهما .
فإن قلنا : النفي لا يتسلط على نفس الجنس بل ينصرف إلى حكمه وجب اعتباره في الحكم الذي هو الصحة فإنه المجاز الأقرب إلى الحقيقة ، وإن قلنا يتسلط هنا ; لأنها حقائق شرعية فينتفي شرعا لعدم الاعتبار شرعا ، وإن وجدت حسا فأظهر في المراد ، فنفي الكمال على كلا الوجهين احتمال هو خلاف الظاهر لا يصار إليه إلا بدليل ، وإن أرادوا به ما فيه احتمال ، ولو مرجوحا منعنا صحة الأصل المذكور وأسندناه بأن الظن واجب الاتباع في الأدلة الشرعية الاجتهادية ، وهو متعلق بالاحتمال الراجح فيجب اعتبار متعلقه ، وعلى هذا مشى المصنف رحمه الله في خبر الفاتحة حيث قال بعد ذكره من طرف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : ولنا قوله تعالى { فاقرءوا ما تيسر من القرآن } والزيادة عليه بخبر الواحد لا تجوز لكنه يوجب العمل فعملنا بوجوبها ، وهذا هو الصواب ، والله سبحانه وتعالى أعلم بحقيقة الحال .
كذا في الغاية معللا بأن الوضوء عمل واحد بخلاف الأكل ، وهو إنما يستلزم في الأكل تحصيل السنة في الباقي لا استدراك ما فات ( قوله هو الصحيح ) احتراز عما قيل قبله فقط وما قيل بعده فقط ; لأن ما قبله حال الانكشاف ، والأصح قبله أيضا لا حال الانكشاف ، ولا في محل النجاسة ، ومن الثابت عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول عند دخول الخلاء { nindex.php?page=hadith&LINKID=14877اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث } والمراد الاستعاذة من ذكران الشياطين وإناثهم .