وأما [ ص: 69 ] الدلالة ففيها خلاف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله . هو يقول : الجزاء تعلق بالقتل ، والدلالة ليست بقتل ، فأشبه دلالة الحلال حلالا . ولنا ما روينا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة رضي الله عنه . [ ص: 70 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء رحمه الله : أجمع الناس على أن على الدال الجزاء ; ولأن الدلالة من محظورات الإحرام ولأنه تفويت الأمن على الصيد إذ هو آمن بتوحشه وتواريه فصار كالإتلاف ; ولأن المحرم بإحرامه التزم الامتناع عن التعرض فيضمن بترك ما التزمه كالمودع [ ص: 71 ] بخلاف الحلال لأنه لا التزام من جهته ، على أن فيه الجزاء على ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر رحمهما الله ، والدلالة الموجبة للجزاء أن لا يكون المدلول عالما بمكان الصيد وأن يصدقه في الدلالة ، حتى لو كذبه وصدق غيره لا ضمان على المكذب ( ولو كان الدال حلالا في الحرم لم يكن عليه شيء ) لما قلنا ( وسواء في ذلك العامد والناسي ) لأنه ضمان يعتمد وجوبه الإتلاف [ ص: 72 ] فأشبه غرامات الأموال ( والمبتدئ والعائد سواء ) لأن الموجب لا يختلف .
( قوله : فأشبه دلالة الحلال حلالا ) كون المدلول حلالا اتفاقي ، والمراد أشبه دلالة الحلال على صيد الحرم غيره حلالا أو محرما فإنه استحق الأمن بحلوله في الحرم كما استحق الصيد مطلقا الأمن بالإحرام ، فكما أن تفويت الأمن المستحق بالحرم لا يوجب الجزاء كذا تفويت المستحق بالإحرام لا يوجبه . ( قوله : ولنا ما روينا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ) أي في باب الإحرام ، وتقدم تخريجه من الصحيحين وغيرهما وليس فيه هل دللتم بل قال عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=38943هل منكم أحد أمره أن يحمل [ ص: 70 ] عليها أو أشار إليها ؟ قالوا لا ، قال : فكلوا ما بقي من لحمها } وجه الاستدلال به على هذا أنه علق الحل على عدم الإشارة ، وهي تحصل الدلالة بغير اللسان فأحرى أن لا يحل إذا دله باللفظ فقال هناك صيد ونحوه .
قالوا : الثابت بالحديث حرمة اللحم على المحرم إذا دل . قلنا : فيثبت أن الدلالة من محظورات الإحرام بطريق الالتزام لحرمة اللحم فيثبت أنه محظور إحرام هو جناية على الصيد فنقول حينئذ : إنه جناية على الصيد بتفويت الأمن على وجه اتصل قتله عنها ففيه الجزاء كالقتل ، وهذا هو القياس الذي ذكره المصنف بعد ذلك فلا يحسن عطفه على الحديث ; لأن الحديث لم يثبت الحكم المتنازع فيه وهو وجوب الكفارة بل محل الحكم ، ثم ثبوت الوجوب المذكور في المحل إنما هو بالقياس على القتل . وعن هذا الوجه والقياس الآخر الذي سنذكره وهو إلحاق الدال بالمودع . وقول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : أجمع الناس على أن على الدال الجزاء وليس الناس إذ ذاك إلا الصحابة والتابعين يجب أن يحمل ما عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن لا جزاء على الدال على دال لم يقع عن دلالته قتل دفعا لتوهم أن مجرد الدلالة موجبة للجزاء . هذا وحديث nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء غريب ، وذكره ابن قدامة في المغني عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، على أن قول nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي هو مروي عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم ، ولم يرو عن غيرهم خلافه فكان إجماعا يتضمن رد الرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر . ( قوله : كالمودع ) هذا هو القياس الآخر .
وتقريره التزم عدم التعرض للصيد بعقد خاص فيضمن ما تلف عن ترك ما التزمه ، كالمودع فإنه التزم الحفظ كذلك فيضمن لو دل سارقا على الوديعة فسرقها ، بخلاف الحلال الذي قاس هو عليه ; لأنه لم يلتزم عدم التعرض لصيد الحرم ولا للمسلم بعقد خاص بل بعموم حكم الإسلام ، وترك ذلك [ ص: 71 ] يوجب استحقاق عذاب الآخرة ، فلهذا لو دل سارقا على مال مسلم أو نفسه فقتله تأخر جزاؤه الأعظم إلى الآخرة ، ويعزر في الدنيا من غير تضمين وإن كانت جنايته أعظم من دلالة المحرم على الصيد . ( قوله : لا ضمان على المكذب ) يفيد لزوم الضمان على المصدق . وفي الكافي : لو أخبر محرما بصيد فلم يره حتى أبصره محرم آخر فلم يصدق الأول ولم يكذبه ثم طلب الصيد فقتله كان على كل واحد منهما الجزاء ، ولو كذب الأول لم يكن عليه جزاء . ومن شرائطها أيضا أن يتصل بها القتل ، وأن يبقى الدال محرما إلى أن يقتله الآخذ ، وأن لا ينفلت ، فلو انفلت ثم أخذه فلا شيء على الدال لانتهاء دلالته بالانفلات والأخذ ثانيا إنشاء لم يكن عن عين تلك الدلالة ، ولو أمره بقتله بعدما أخذه ينبغي أن يضمن .
وعلى هذا إذا أعاره سكينا ; ليقتله بها وليس مع الآخذ ما يقتله به أو قوسا أو نشابا يرميه به ، وقد قدمنا من روايات الحديث في باب الإحرام عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هل أعنتم ، ولا شك أن إعارة السكين إعانة عليه . وما في الأصل من أنه لا جزاء على صاحب السكين حمل على ما إذا كان المستعير يقدر على ذبحه بغيرها ، وصرح في السير بأن على صاحب السكين الجزاء ، وكذا لو دل على قوس ونشاب من رآه ولا يقدر على قتله ; لبعده . واعلم أن صريح عبارة الأصل في الإعارة أنه لا جزاء على صاحب السكين ويكره له ذلك . قال شمس الأئمة في المبسوط : أكثر مشايخنا يقولون تأويل هذه المسألة أنه إذا كان مع المحرم القاتل سلاح يقتل به ; لأنه متمكن من قتله ، فأما [ ص: 72 ] إذا لم يكن معه ما يقتل به ينبغي أن يجب الجزاء ; لأن التمكن بإعارته له ، وإلى هذا أشار في السير . قال شمس الأئمة : والأصح عندي أنه لا يجب الجزاء على المعير على كل حال لوجهين حاصل الأول أن معنى الصيدية تلف بأخذ المستعير للصيد فأخذه قتل حكما ثم يقتله حقيقة ، وإعارة السكين ليس بإتلاف حقيقة ولا حكما ، بخلاف الدلالة فإنه إتلاف لمعنى الصيدية من وجه حيث أعلم به من لا يقدر الصيد على الامتناع منه .
والثاني : أن إعارة السكين تتم بالسكين لا بالصيد فإنها صحيحة وإن لم يكن صيد إذ لا يتعين استعماله في قتل الصيد ، بخلاف الإشارة إلى قتل الصيد فإنها متصلة بالصيد ليس فيها فائدة أخرى سوى ذلك ، ولا يتم ذلك إلا بصيد هناك ولذا يتعلق وجوب الجزاء بها . ولو أمر المحرم غيره بأخذ صيد فأمر المأمور آخر فالجزاء على الآمر الثاني ; لأنه لم يتمثل أمر الأول ; لأنه لم يأمره بالأمر ، بخلاف ما لو دل الأول على الصيد وأمره فأمر الثاني ثالثا بالقتل حيث يجب الجزاء على الثلاثة ، وكذا الإرسال ; فلو أرسل محرم محرما إلى محرم يدله على صيد فقتله المرسل إليه فعلى كل من الثلاثة الجزاء . وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : لو قال خلف هذا الحائط صيد فإذا صيد كثير فأخذه ضمن الدال كله ، فلو رأى واحدا فدل عليه فإذا عنده آخر فقتلهما المدلول كان على الدال جزاء الأول فقط . كما لو دله على واحد تنصيصا والباقي بحاله .
ولو قال خذ أحد هذين وهو يراهما فقتلهما كان على الدال جزاء واحد ، وإن كان لا يراهما فعليه جزاءان ; لأنه بالأمر بأخذ أحدهما دال على الآخر لما لم يعلم المأمور بهما . ( قوله : فأشبه غرامات الأموال ) من حيث إن الضمان يدور [ ص: 73 ] مع الإتلاف غير مقيد بالعمد لا مطلقا ، فإن هذا الضمان يتأدى بالصوم .