( وإذا زالت بكارتها بوثبة أو حيضة أو جراحة أو تعنيس فهي في حكم الأبكار ) لأنها بكر حقيقة لأن مصيبها أول مصيب لها ومنه الباكورة والبكرة ولأنها تستحيي لعدم الممارسة ( ولو زالت ) بكارتها ( بزنا فهي كذلك عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ) وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : لا يكتفى بسكوتها لأنها ثيب حقيقة لأن مصيبها عائد إليها ومنه المثوبة والمثابة والتثويب ، nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة أن الناس عرفوها بكرا [ ص: 271 ] فيعيبونها بالنطق فتمتنع عنه فيكتفى بسكوتها كي لا تتعطل عليها مصالحها ، بخلاف ما إذا وطئت بشبهة أو بنكاح فاسد لأن الشرع أظهره حيث علق به أحكاما ، أما الزنا فقد ندب إلى ستره ، حتى لو اشتهر حالها لا يكتفى بسكوتها
( قوله وإذا زالت بكارتها إلخ ) أي إذا زالت بوثبة أو حيضة أو جراحة أو تعنيس وهو أن تصير عانسا : أي نصفا لم تتزوج ، أو خرق استنجاء أو عود أو حمل ثقيل تزوج كالأبكار اتفاقا ، وكذا إذا فارقها الزوج لجب أو عنة أو طلقها قبل الدخول ولو بعد الخلوة ، وهذا مما تخالف حكم الخلوة والدخول ، وكذا إذا مات بعد الخلوة قبل الدخول ; لأنها في هذه الصور كلها بكر حقيقة ; لأنها لم يصبها مصيب ، ولهذا لو أوصى بأبكار بني فلان دخلت هذه ومنع بالجارية تباع على أنها بكر حيث ترد [ ص: 271 ] إذا وجدت زائلة البكارة بوثبة ونحوها ، فلو كانت بكرا لم ترد .
والجواب أن البكر يقال على من لم يصبها مصيب ، ومنه الباكورة لأول الثمار والبكرة لأول النهار ، وعلى العذراء وهي أخص أو هي من لم يصبها مصيب ومن أفراده قائمة العذرة فهو متواطئ ، وحمل على هذا الفرد في البيع المبني على المشاححة فترد لفوات العذرة وهي تلك الجلدة . وعلى الأعم الأوسع في النكاح المبني على التوسعة وشدة التثبت حتى لزم من الهازل والمكره وبصيغة الأمر ، بخلاف البيع . على أنه قد قيل إذا اعترف المشتري بأن زوالها بوثبة لا ترد ، ولأن العادة إرادة العذرة في اشتراط البكارة في البيع فيتقيد بها . وأيضا لو أوصى لأبكار بني فلان دخلت هذه . وأيضا الاستحياء قائم وأنها علة منصوصة فيثبت الحكم في مواضع وجودها بالنص ، وفيه نظر إذ الاستحياء حكمة نص عليها لا يناط الحكم عليها لعدم انضباطها ، ولذا لو فرض أن استحياء من زالت بكارتها بزنا أشد من العذراء لا تزوج كالبكر ، وهذا لأن الحكمة وإن كانت هي المقصودة من شرع الحكم لا يناط بها إذا كان فيها مراتب متفاوتة أو خفاء في تحققها في بعض المحال ، ولا يناط إلا بظاهر ضابط لكل مرتبة وهو المسمى بالمظنة فيثبت الحكم عند ثبوته من غير التفات إلى الحكمة وجدت أو عدمت ، ولو اعتبر هنا حياء البكر ; لأنه هو المنضبط اتحد الحاصل إذ يستلزم قيام البكارة في ثبوت الحكم ، وإن زالت بزنا مشهور أو وطء بشبهة أو نكاح فاسد زوجت كالثيبات اتفاقا ، وإن زالت بزنا غير مشهور فهو محل الخلاف ، فعندهما nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي تزوج كالثيب وعنده كالبكر .
وجه قولهما أنها ثيب حقيقة فإن مصيبها عائد إليها ، ومنه المثوبة ; لأنها جزاء عمله يعود إليه ، والمثابة الموضع الذي يرجع إليه حتى تدخل في الوصية للثيبات من بنات فلان . وله أنها عرفت بكرا فتمتنع عن النطق مخافة أن يعلم زناها حياء من ظهوره ، وذلك [ ص: 272 ] أشد من حيائها بكرا من إظهار الرغبة فيثبت الجواز بدلالة نص سكوت البكر ، وهذا يفيد لو كان الحياء مطلقا هو العلة لكنه حياء البكر الصادر عن كرم الطبيعة فلا يلحق به المتنازع فيه . وبه يندفع جواب ما أورد من قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=83462لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، والثيب يعرب عنها لسانها } من أنه عام خص منه الثيب المجنونة والأمة فيخص بما ذكرنا من جعل الشارع الحياء علة وهو موجود في المزنية ، ونفس المجيب صرح بعده في مسألة ثبوت الولاية على الثيب الصغيرة بأن الأيم من لا زوج لها وإن كانت بكرا بعدما نقل قول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لو أوصى لأيامى بني فلان لا تدخل الأبكار وصحح دخولهن كقول nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي ا هـ .
والأولى أن الفرض أن الزنا غير مشهور ، ففي إلزامها النطق دليل المنع من إشاعة الفاحشة في هذه الصورة ، والمنع يقدم عند التعارض فيعمل دليل نطق الثيب فيما وراء هذه ، وأيضا الظاهر من مراد الشارع من البكر المعتبر سكوتها رضا البكر ظاهرا كما هو في أمثاله لا في نفس الأمر ولذا لم يوجب على الولي استكشاف حالها عند استئذانها ، أهي بكر الآن ليكتفي بسكوتها أم لا ؟ اكتفى بالبناء على الأصل الذي لم يظهر خلافا ، والكلام هنا في ثيوبة بزنا لم يظهر فيجب كونها بكرا شرعا ، ولذا قلنا لو ظهر لا يكفي سكوتها