[ ص: 367 ] باب الولد من أحق به ( وإذا وقعت الفرقة بين الزوجين فالأم أحق بالولد ) لما روي { nindex.php?page=hadith&LINKID=4740أن امرأة قالت : يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء وزعم أبوه أنه ينزعه مني ، فقال عليه الصلاة والسلام : أنت أحق به ما لم تتزوجي } ولأن الأم أشفق وأقدر على الحضانة فكان الدفع إليها أنظر ، وإليه أشار nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق بقوله : ريقها خير له من شهد وعسل عندك يا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، قاله حين وقعت الفرقة بينه وبين امرأته والصحابة حاضرون متوافرون [ ص: 368 ] ( والنفقة على الأب ) على ما نذكر ( ولا تجبر الأم عليه ) لأنها عست تعجز عن الحضانة [ ص: 369 ] ( فإن لم تكن له أم فأم الأم أولى من أم الأب وإن بعدت ) لأن هذه الولاية تستفاد من قبل الأمهات ( فإن لم تكن أم الأم فأم الأب أولى من الأخوات ) لأنها من الأمهات ، ولهذا تحرز ميراثهن السدس ولأنها أوفر شفقة للولاد ( فإن لم تكن له جدة فالأخوات أولى من العمات والخالات ) لأنهن بنات الأبوين ولهذا قدمن في الميراث . وفي رواية الخالة أولى من الأخت لأب لقوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=14145الخالة والدة } وقيل في قوله تعالى { ورفع أبويه على العرش } أنها كانت خالته ( وتقدم الأخت لأب وأم ) لأنها أشفق ( ثم الأخت من الأم ثم الأخت من الأب ) لأن الحق لهن من قبل الأم ( ثم الخالات أولى من العمات ) ترجيحا لقرابة الأم ( وينزلن كما نزلنا الأخوات ) معناه ترجيح ذات قرابتين ثم قرابة الأم [ ص: 370 ] ( ثم العمات ينزلن كذلك ، وكل من تزوجت من هؤلاء يسقط حقها ) لما روينا ، ولأن زوج الأم إذا كان أجنبيا يعطيه نزرا وينظر إليه شزرا فلا نظر . قال ( إلا الجدة إذا كان زوجها الجد ) لأنه قام مقام أبيه فينظر له ( وكذلك كل زوج هو ذو رحم محرم منه ) لقيام الشفقة نظرا إلى القرابة القريبة ( ومن سقط حقها بالتزوج يعود إذا ارتفعت الزوجية ) لأن المانع قد زال .
[ ص: 367 ] ( باب الولد من أحق به ) . لما ذكر ثبوت نسب الولد عقيب أحوال المعتدة ذكر من يكون عنده الولد .
( قوله وإذا وقعت الفرقة إلخ ) هو على الإطلاق في غير ما إذا وقعت بردتها لحقت أو لا لأنها تحبس وتجبر على الإسلام ، فإن تابت فهي أحق به وما إذا لم تكن أهلا للحضانة بأن كانت فاسقة أو تخرج كل وقت وتترك البنت ضائعة أو كانت أمة أو أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة ولدت ذلك الولد قبل الكتابة أو متزوجة بغير محرم ، وما إذا كان الأب معسرا وأبت الأم أن تربي إلا بأجر وقالت : العمة أنا أربي بغير أجر فإن العمة أولى هو الصحيح .
وحجر الإنسان بالفتح والكسر ، والحواء بالكسر : بيت من الوبر والجمع الأحوية ( قوله ولأن الأم أشفق عليه ) إبداء لحكمة خصوص هذا الشرع ، وإنما كانت أشفق عليه لأنه كان جزاء لها حقيقة حتى قد يقرض بالمقراض وأقدر على الحضانة لتبتلها بمصالحه ، [ ص: 368 ] والرجل أقدر على الاكتساب فلذا جعلت نفقته عليه إذا لم يكن هو له مال وجعل عندها . وقوله وإليه أشار nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق إلخ يشير إلى ما في موطإ nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : حدثنا يحيى بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد قال : كانت عند nindex.php?page=showalam&ids=2عمر امرأة من الأنصار فولدت له nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصما ، ثم فارقها nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فركب يوما إلى قباء فوجد ابنه يلعب بفناء المسجد فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة ، فأدركته جدة الغلام فنازعته إياه ، فأقبلا حتى أتيا nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : هذا ابني ، وقالت المرأة : ابني ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر : خل بينه وبينها ، فما راجعه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الكلام . وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، وزاد : ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { nindex.php?page=hadith&LINKID=30687لا توله والدة عن ولدها } وفي مصنف nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : حدثنا ابن إدريس عن يحيى بن سعيد عن القاسم أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه طلق جميلة بنت عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح فتزوجت فجاء nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فأخذ ابنه ، فأدركته شموس أم ابنة عاصم الأنصارية وهي أم جميلة فأخذته فترافعا إلى nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر فقال : خل بينها وبين ابنها فأخذته . nindex.php?page=showalam&ids=12508ولابن أبي شيبة أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه طلق أم عاصم ثم أتى عليها وفي حجرها nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم فأراد أن يأخذه منها فتجاذباه بينهما حتى بكى الغلام فانطلقا إلى nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر فقال له مسحها وحجرها وريحها خير له منك حتى يشب الصبي فيختار لنفسه .
( قوله والنفقة على الأب على ما نذكر ) أي في باب النفقة ، وهذا إن كان حيا ، فإن كان ميتا فعلى ذي الرحم الوارث على قدر المواريث ( قوله ولا تجبر ) يعني إذا طلبت الأم فهي أحق به وإن أبت لا تجبر على الحضانة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . وفي رواية أخرى وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح تجبر . واختاره nindex.php?page=showalam&ids=11903أبو الليث والهندواني من مشايخنا لأن ذلك حق الولد ، قال تعالى { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } والمراد الأمر وهو الوجوب ، والمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا تجبر الشريفة التي لا عادة لها بالإرضاع ، وتجبر التي هي ممن ترضع ، وإن لم يوجد غيرها أو لم يأخذ الولد ثدي غيرها أجبرت بلا خلاف . ويجبر الأب على أخذ الولد بعد استغنائه عن الأم لأن نفقته وصيانته عليه بالإجماع . ولنا قوله تعالى { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } وإذا اختلفا فقد تعاسرا فكانت الآية للندب أو محمولة على حالة الاتفاق وعدم التعاسر ولأنها عسى أن تعجز عنه ، لكن في الكافي للحاكم الشهيد الذي هو جمع كلام nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : لو اختلعت على أن تترك ولدها عند الزوج فالخلع جائز والشرط باطل لأن هذا حق الولد أن يكون عند أمه كان إليها محتاجا هذا لفظه ، فأفاد أن قول الفقيهين جواب الرواية .
وأما قوله تعالى { فسترضع له أخرى } فليس الكلام في الإرضاع بل في الحضانة . قال في التحفة : ثم الأم وإن كانت أحق بالحضانة فإنه لا يجب عليها إرضاعه لأن ذلك بمنزلة النفقة ، ونفقة الولد على الوالد إلا أن لا يوجد من ترضعه فتجبر .
( قوله فإن لم تكن ) أي لم تكن له أم تستحق الحضانة بأن كانت غير أهل للحضانة أو متزوجة بغير محرم أو ماتت فأم الأم أولى من كل أحد وإن علت . وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أم الأب أولى وإن استضعف بأن [ ص: 369 ] أم الأم تدلي بالأم وهي المقدمة على الأب ، فمن يدلي بها ولادا أحق ممن يدلي به ، فإن لم تكن للأم أم فأم الأب أولى ممن سواها وإن علت .
وفي رواية كتاب الطلاق : الخالة أولى من الأخت لأب لأنها تدلي بالأم وتلك بالأب . وفي رواية كتاب النكاح : الأخت لأب أولى من الخالة اعتبارا لقرب القرابة وتقديم المدلي بالأم على المدلي بالأب عند اتحاد مرتبتهما قربا ، فعلى رواية كتاب النكاح تدفع بعد الأخت لأب إلى بنت الأخت الشقيقة ، ثم إلى بنت الأخت لأم ، ثم إلى بنت الأخت لأب ، ثم إلى الخالة الشقيقة ، ثم إلى الخالة لأم ثم لأب ، ثم العمات على هذا الترتيب ، ثم إلى خالة الأم لأب وأم ، ثم لأم ثم لأب ، ثم إلى عماتها على هذا الترتيب ، وخالة الأم أولى من خالة الأب عندنا ، ثم خالات الأب وعماته على هذا الترتيب . وقد تبين أن أولاد الأخوات لأب وأم أحق من الخالات والعمات ، وأن الأخت لأم أحق من ولد الأخت الشقيقة وبنات الأخت أولى من بنات الأخ لأن بنت الأخت تدلي إلى من له حق الحضانة ، وأما بنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات فبمعزل عن حق الحضانة لأن قرابتهن لم تتأكد بالمحرمية .
( قوله لما روينا ) وهو قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=80282ما لم تتزوجي } والنزر القليل والشزر نظر البغض . ولو ادعى الأب أن الأم تزوجت وأنكرت فالقول لها ، ولو أقرت بالتزوج إلا أنها ادعت الطلاق وعود حقها ، فإن لم تعين الزوج فالقول لها ، وإن عينته لا يقبل قولها في دعوى الطلاق حتى يقر به الزوج .