قال ( ومن كفل بنفس آخر ولم يقل إذا دفعت إليك فأنا بريء فدفعه إليه فهو بريء ) لأنه موجب التصرف فيثبت بدون التنصيص عليه ، ولا يشترط قبول الطالب التسليم كما في قضاء الدين ، ولو سلم المكفول به نفسه من كفالته صح لأنه مطالب بالخصومة فكان له ولاية الدفع ، [ ص: 172 ] وكذا إذا سلمه إليه وكيل الكفيل أو رسوله لقيامهما مقامه .
( قوله ومن كفل بنفس آخر ولم يقل إذا دفعته إليك أنا بريء فدفعه إليه فهو بريء لأنه ) أي دفع المطلوب هو ( موجب التصرف ) يعني الكفالة فلا يحتاج في ثبوته إلى التنصيص عليه كالملك موجب البيع فيثبت عنده من غير أن يشترط ، والتحقيق أن موجب الكفالة وجوب الدفع عند المطالبة وجوازه عند عدمها والبراءة موجب الدفع فكانت حكم متعلق موجب الكفالة ، فإذا وجد وجدت وقد وجد ، إذ قد فرض الدفع فتثبت من غير حاجة إلى اشتراطها .
وقوله ( كما في قضاء الدين ) يعني إذا سلم المديون الدين للدائن ولا مانع من القبض بريء ، وإن لم يقبضه كالغاصب إذا رد المغصوب على المالك يبرأ مع أنه جان فهاهنا أولى ، والبائع إذا سلم المبيع إلى المشتري قال الفقيه nindex.php?page=showalam&ids=11903أبو الليث : إنما ذكر هذا لدفع توهم أنه يلزم الكفيل تسليمه مرة بعد مرة إلى أن يستوفي حقه ; لأن الكفالة ما أريدت إلا للتوثق لاستيفاء الحق فما لم يستوفه يجب عليه تسليمه إلى أن يستوفيه فأزال هذا الوهم ببيان أن عقد الكفالة يوجب التسليم مرة لا بقيد التكرار ( قوله ولو سلم المكفول به نفسه من كفالته ) أي من كفالة الكفيل وذلك بأن يقول : سلمت نفسي أو دفعت نفسي إليك من كفالة فلان ( صح ) عن كفالته فيبرأ الكفيل بذلك .
قال شمس الأئمة : لا نعلم فيه خلافا . قال المصنف ( لأنه ) أي المكفول ( مطالب بالخصومة ) وفي بعض النسخ مطالب بالحضور : يعني إذا طالب الكفيل فكان [ ص: 172 ] بتسليمه نفسه على هذا الوجه مسقطا ذلك عن نفسه إذا طالبه بمعجل الدين الذي عليه فلا يكون متبرعا كالمحيل إذا قضى الدين بنفسه يصح قبل الطالب أو لم يقبله ( وكذا إذا سلمه رسول الكفيل أو وكيله لقيامهما مقامه ) يعني إذا قال : سلمت إليك نفسه عن الكفيل ، بخلاف ما إذا لم يقل ذلك بل سلم نفسه ولم يزد على ذلك أو سلمه الوكيل ولم يقل ما ذكرنا لا يبرأ الكفيل ، ولو سلمه أجنبي لا بأمر الكفيل عن الكفيل لا يبرأ الكفيل بذلك إلا أن يقبله الطالب فيبرأ الكفيل حينئذ ، بخلاف ما لو سكت الطالب فلم يقل شيئا لا يبرأ