[ ص: 186 ] ( فإن قال تكفلت بما لك عليه فقامت البينة بألف عليه ضمنه الكفيل ) لأن الثابت بالبينة كالثابت معاينة فيتحقق ما عليه فيصح الضمان به ( وإن لم تقم البينة [ ص: 187 ] فالقول قول الكفيل مع يمينه في مقدار ما يعترف به ) لأنه منكر للزيادة ( فإن اعترف المكفول عنه بأكثر من ذلك لم يصدق على كفيله ) لأنه إقرار على الغير ولا ولاية له عليه ( ويصدق في حق نفسه ) لولايته عليها .
( قوله فإن قال تكفلت بمالك عليه ) هذا شروع في بيان خصوص وقت الوجوب على الكفيل ، وهذا على اختلاف الألفاظ التي تقع بها الكفالة ، فمن ذلك ما ذكر من قوله تكفلت بمالك عليه فلا يجب على الكفيل شيء إلا أن تقوم البينة بمقدار ألف أو غيرها ( لأن الثابت بالبينة كالثابت معاينة فيتحقق بها ما عليه ) فوجب عليه ( ولو لم تقم بينة [ ص: 187 ] فالقول قول الكفيل في مقدار ما على المكفول عنه ) مع يمينه ( فإن اعترف المكفول عنه بأكثر من ذلك لم يصدق على كفيله لأنه إقرار على الغير ولا ولاية له عليه ، ويصدق ) المكفول عنه ( في حق نفسه ) بما أقر به على نفسه ( لولايته عليها ) بخلاف قوله ما ذاب لك على فلان فهو علي أو ما ثبت فأقر المطلوب بمال لزم الكفيل ; لأن الثبوت حصل بقوله وكذلك ذاب فإنه بمعنى حصل وقد حصل بإقراره ، بخلاف الكفالة بما لك عليه فإنها بالدين القائم في الحال وما ذاب ونحوه الكفالة بما سيجب ، والوجوب يثبت بإقراره ، بخلاف ما قضى عليه لك لا يلزم إلا أن يقضي القاضي ومثل مالك ما أقر لك به أمس ، فلو قال المطلوب أقررت له بألف أمس لم يلزم الكفيل ; لأنه قبل مالا واجبا عليه لا مالا يجب عليه في الحال ولم يثبت أنه واجب عليه ، فإن قال ما أقر به فأقر في الحال يلزمه ; ولو قامت بينة أنه أقر له قبل الكفالة بالمال لم يلزمه لأنه لم يقل ما كان أقر لك ، ولو أبى المطلوب اليمين فألزمه القاضي لم يلزم الكفيل ; لأن النكول ليس بإقرار بل بذل .
وفي الخلاصة : رجل قال ما أقر فلان به فهو علي فمات الكفيل ثم أقر فلان فالمال لازم في تركة الضامن ، وكذا ضمان الدرك . وفيها : رجل قال لآخر بايع فلانا فما بايعته من شيء فهو علي صح ، فإن قال الطالب بعته متاعا بألف وقبضه مني وأقر به المطلوب وجحد الكفيل يؤخذ الكفيل به استحسانا بلا بينة ، ولو جحد الكفيل والمكفول عنه البيع وأقام الطالب البينة على أحدهما أنه باعه وسلمه لزمهما ، ولو قال إن لم يعطك فلان مالك عليه فأنا ضامن بذلك لا سبيل فيه عليه حتى يتقاضاه فيقول : لا أعطيك ، ولو مات المطلوب قبل أن يتقاضاه لزم الضمان أيضا ، ولو لم يمت لكنه قال : أنا أعطيك إن أعطاه مكانه أو ذهب إلى السوق فأعطاه أو قال اذهب إلى المنزل حتى أعطيك مالك فأعطاه فهو جائز ، فإن قال ذلك ولم يعطه من يومه لزم الكفيل ، ولو قال : إن تقاضيت فلانا مالك عليه ولم يعطك فأنا لمالك عليه ضامن فمات المطلوب قبل أن يتقاضاه بطل الضمان ، ولو قال : إن عجز غريمك عن الأداء فهو علي فالعجز يظهر بالحبس إن حبسه ولم يؤد لزم الكفيل .
وفي فتاوى النسفي : رجل كفل لرجل عن رجل بمال على أن يكفل عنه فلان بكذا من المال فلم يكفل فلان فالكفالة لازمة وليس له خيار في ترك الكفالة .
وفي مجموع النوازل : جماعة طمع الوالي أن يأخذ منهم شيئا بغير حق فاختفى بعضهم وظفر الوالي ببعضهم فقال المختفون الذين وجدهم الوالي لا تطلعوهم علينا وما أصابكم فهو علينا بالحصص ، فلو أخذ الوالي منهم شيئا فلهم الرجوع ، قال : هذا مستقيم على قول من يقول [ ص: 188 ] بجواز ضمان الجباية ، وعلى قول عامة المشايخ لا يصح ، ولو كفل بما له على أن يعطيه من وديعة المكفول عنه التي عنده جاز إذا أمره بذلك وليس له أن يسترد الوديعة منه ، فإن هلكت برئ الكفيل والقول قول الكفيل أنها هلكت ، فلو غصبها رب الوديعة أو غيره أو استهلكها برئ الكفيل والحوالة على هذا ; ولو ضمن بألف على أن يعطيه إياه من ثمن هذه الدار فلم يبعها لم يكن على الكفيل ضمان ولا يلزمه بيع الدار .