[ ص: 259 ] وفي حد الاجتهاد كلام عرف في أصول الفقه . وحاصله أن يكون صاحب حديث له معرفة بالفقه ليعرف معاني الآثار أو صاحب فقه له معرفة بالحديث لئلا يشتغل بالقياس في المنصوص عليه وقيل أن يكون مع ذلك صاحب قريحة [ ص: 260 ] يعرف بها عادات الناس لأن من الأحكام ما يبتني عليها .
( قوله وفي حد الاجتهاد كلام عرف في أصول الفقه . وحاصله ) الكلام ( أن يكون صاحب حديث له معرفة في الفقه ليعرف معاني الآثار أو صاحب فقه له معرفة بالحديث لئلا يشتغل بالقياس في المنصوص عليه ) والفرق بين القولين أن على الأول نسبته إلى معرفة الحديث أكثر من معرفته بالفقه ، وفي الثاني عكسه . ثم إن المصنف رتب على الأول كونه حينئذ يعرف معاني الآثار ، والمراد بمعاني الآثار المعاني التي هي مناطاة الأحكام الدالة عليها ألفاظ الحديث ، وعلى الثاني سلامته من القياس مع معارضة النص وقد وقع التصريح بأنهما قولان ، ولا شك في ذلك لأنهما متضادان لأن كونه أدرى بالحديث من الفقه يضاد كونه أدرى بالفقه من الحديث ، وأنت تعلم أن المجتهد يحتاج إلى الأمرين جميعا وهو تحرزه من القياس في معارضة النص ومعرفة معاني الآثار ليتمكن من القياس . فالوجه أن يقال " صاحب حديث وفقه " ليعرف معاني الآثار ، ويمتنع عن القياس ، بخلاف النص . والحاصل أن يعلم الكتاب والسنة بأقسامهما من عبارتهما وإشارتهما ودلالتهما واقتضائهما وباقي الأقسام ناسخهما ومنسوخهما ومناطاة أحكامهما وشروط القياس والمسائل المجمع عليها لئلا يقع في القياس في مقابلة الإجماع وأقوال الصحابة لأنه قد يقدمه على القياس فلا يقيس في معارضة قول الصحابي ويعلم عرف الناس وهذا قوله ( وقيل أن يكون صاحب قريحة إلخ ) فهذا القيل لا بد منه في المجتهد ، فمن أتقن هذه الجملة فهو أهل للاجتهاد فيجب عليه أن يعمل باجتهاده وهو أن يبذل جهده في طلب الظن بحكم [ ص: 260 ] شرعي عن هذه الأدلة ولا يقلد أحدا .