صفحة جزء
[ ص: 235 ] قال : ( وليس فيما دون النفس شبه عمد إنما هو عمد أو خطأ ) لأن شبه العمد يعود إلى الآلة ، والقتل هو الذي يختلف باختلافها دون ما دون النفس لأنه لا يختلف إتلافه باختلاف الآلة فلم يبق إلا العمد والخطأ .


( قوله وليس فيما دون النفس شبه عمد إنما هو عمد أو خطأ ) قال صاحب العناية : قد ذكره مرة لكنه ذكر هناك أنه عمد وهاهنا أنه عمد أو خطأ فيحمل الأول على أن المراد به إن أمكن القصاص انتهى . أقول : يرد عليه أن مراد المصنف لو كان ذلك لما تم ما ذكره صاحب العناية في شرح كلام المصنف هناك بأن قال : يعني ليس فيما دون النفس شبه عمد إنما هو عمد أو خطأ ، فإن مقتضى ذلك الشرح أن لا يكون بين كلامي المصنف في المقامين فرق كما لا يخفى ثم أقول : التحقيق أن ما ذكره المصنف هاهنا عبارة القدوري وما ذكره فيما سبق عبارة نفسه ، وإن لكل واحدة من العبارتين معنى مغاير لمعنى الأخرى ، فإن ما سبق هكذا : وما يكون شبه عمد في النفس فهو عمد فيما ` سواها ، ومعناه أن ما يكون شبه عمد في النفس وهو تعمد الضرب بما ليس بسلاح ولا ما أجري مجرى .

[ ص: 236 ] السلاح عند أبي حنيفة ، وبما لا يقتل به غالبا عند أبي يوسف ومحمد والشافعي فهو عمد فيما سوى النفس سواء أمكن القصاص به أو لم يمكن لمانع يمنع عنه ، فإن سقوط القصاص لمانع يقع في القتل العمد في النفس ، كما إذا قتل الأب ابنه عمدا وكما إذا ورث الابن قصاصا على أبيه ، فلأن يقع في العمد في الأطراف أولى ، ومعنى قوله هاهنا إنما هو عمد أو خطأ أن الذي كان فيما دون النفس عمد أو خطأ لا أن شبه العمد عمد أو خطأ ، فإن ضمير هو في قوله إنما هو عمد أو خطأ راجع إلى ما كان فيما دون النفس لا إلى شبه عمد ، إذ لا مجال لأن يكون شبه العمد خطأ لا في النفس ولا في الأطراف ، لأن تعمد الضرب معتبر في مفهوم شبه العمد ولا يتصور ذلك في الخطأ ، فإذا كان معنيا الكلامين في المقامين مختلفين بالوجه الذي ذكرناه فلا احتياج إلى توجيه ما سبق بأن المراد به إن أمكن القصاص ، بل لا وجه له كما تحققته مما قدمناه فتبصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية