وقال nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : يقضى على عاقلته من أهل الكوفة وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، لأن الموجب هو الجناية وقد تحقق وعاقلته أهل الكوفة ، وصار كما إذا حول بعد القضاء .
ولنا أن المال إنما يجب عند القضاء لما ذكرنا أن الواجب هو المثل وبالقضاء ينتقل إلى المال ، وكذا الوجوب على القاتل وتتحمل عنه عاقلته ، وإذا كان كذلك يتحمل عنه من يكون عاقلته عند القضاء ، بخلاف ما بعد القضاء لأن الواجب قد تقرر بالقضاء فلا ينتقل بعد ذلك ، لكن حصة القاتل تؤخذ من عطائه بالبصرة لأنها تؤخذ من العطاء وعطاؤه بالبصرة ، [ ص: 405 ] بخلاف ما إذا قلت العاقلة بعد القضاء عليهم حيث يضم إليهم أقرب القبائل في النسب ، لأن في النقل إبطال حكم الأول فلا يجوز بحال ، وفي الضم تكثير المتحملين لما قضي به عليهم فكان فيه تقرير الحكم الأول لا إبطاله ، وعلى هذا لو كان القاتل مسكنه بالكوفة وليس له عطاء فلم يقض عليه حتى استوطن البصرة قضي بالدية على أهل البصرة ، ولو كان قضى بها على أهل الكوفة لم ينتقل عنهم ، وكذا البدوي إذا ألحق بالديوان بعد القتل قبل القضاء يقضى بالدية على أهل الديوان ، وبعد القضاء على عاقلته بالبادية لا يتحول عنهم ، وهذا بخلاف ما إذا كان قوم من أهل البادية قضي بالدية عليهم في أموالهم في ثلاث سنين ثم جعلهم الإمام في العطاء حيث تصير الدية في أعطياتهم وإن كان قضى بها أول مرة في أموالهم لأنه ليس فيه نقض القضاء الأول لأنه قضى بها في أموالهم وأعطياتهم أموالهم ، غير أن الدية تقضى من أيسر الأموال أداء ، والأداء من العطاء أيسر إذا صاروا من أهل العطاء إلا إذا لم يكن مال العطاء من جنس ما قضي به عليه بأن كان القضاء بالإبل والعطاء دراهم فحينئذ لا تتحول إلى الدراهم أبدا لما فيه من إبطال القضاء الأول ، لكن يقضى ذلك من مال العطاء لأنه أيسر .
( قوله ولو كان القاتل من أهل الكوفة وله بها عطاء فحول ديوانه إلى البصرة ثم رفع إلى القاضي فإنه يقضى على عاقلته من أهل البصرة ) أقول : لقائل أن يقول : قد مر في أوائل كتاب المعاقل أن العاقلة إنما خصوا بالضم إلى القاتل في أداء الدية ، لأن القاتل إنما قصر لقوة فيه ، وتلك القوة بأنصاره وهم العاقلة فكانوا هم المقصرين في تركهم مراقبته فخصوا به ، ولا ريب أن مقتضى ذلك أن يكون القضاء بالدية في هذه المسألة على عاقلة القاتل من أهل الكوفة كما ذهب إليه nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر لأن الجناية إنما صدرت عنه حال كون عاقلته أهل الكوفة فالقوة فيه وقت صدورها عنه إنما كانت بأنصاره الذين هم أهل الكوفة ، والتقصير في مراقبته وقتئذ إنما وقع منهم ، إذ لا شك أن عهدة المراقبة في ذلك الوقت كانت عليهم لا على أهل البصرة فكان ينبغي أن يقضى بالدية عليهم لا على أهل البصرة .
ويمكن الجواب بأن ما ذكره هناك حكمة أن خصت العاقلة بالضم إلى القاتل في تحمل الدية لا علته ، وقد تقرر عندهم أن الحكمة تراعى في الجنس لا في كل فرد ، كما في الاستبراء في البكر فلا يقدح عدم تمشية ما ذكر هناك في مسألتنا هذه ، فإن ملاك الأمر في تمام جواب المسألة هو الدليل ، وقد ذكره المصنف بقوله ولنا أن المال إنما يجب عند القضاء إلخ ، ولا محالة أنه يقتضي أن يقضى بالدية على أهل البصرة لا على أهل الكوفة ، لأن وجوب الدية لما كان عند القضاء لا قبله وكان ديوان القاتل متحولا إلى البصرة قبل القضاء لم يبق مجال أن يقضى بالدية على أهل البصرة فإنهم لم يكونوا عاقلة القاتل وقت القضاء ، ولم تجب عليهم الدية حال كونهم عاقلته لعدم سبق وجوبها القضاء ، فلا بد أن يقضى بها على من هو عاقلته وقت الوجوب تحقيقا للتخفيف عن [ ص: 405 ] القاتل المعذور كما تقرر فيما مر ( قوله بخلاف ما إذا قلت العاقلة بعد القضاء عليهم حيث يضم إليهم أقرب القبائل في النسب إلخ ) قال جماعة من الشراح منهم صاحب العناية في شرح هذا المقام : قوله بخلاف ما إذا قلت العاقلة متعلق بقوله بخلاف ما بعد القضاء ومعناه لا يقضى بالدية على عاقلته من أهل البصرة إذا كان القاضي قضى بديته على عاقلته من أهل الكوفة ، بخلاف ما إذا قلت العاقلة بموت بعضهم حيث يضم إليهم أقرب القبائل في النسب وإن كان بعد القضاء مع أن فيه أيضا نقل الدية من الموجودين وقت القضاء إلى أقرب القبائل .
وقد ذكر الفرق بينهما بقوله لأن في النقل إبطال حكم الأول فلا يجوز بحال ، وفي الضم تكثير المتحملين لما قضي به عليهم فكان فيه تقرير حكم الأول لا إبطاله انتهى . أقول : مقدمتهم القائلة مع أن فيه أيضا نقل الدية من الموجودين وقت القضاء إلى أقرب القبائل مع كونها مستدركة في بيان معنى المقام غير صحيحة في نفسها ، إذ ليس فيما إذا قلت العاقلة بعد القضاء نقل الدية من أحد إلى أحد قط ، بل إنما فيه تكثير المتحملين لما قضي به عليهم ، ولا شك أن التكثير يغاير النقل بل ينافيه . وعن هذا قال المصنف في الفرق بين الصورتين : إن في النقل إبطال حكم الأول ، وفي الضم تقرير حكم الأول لا إبطاله ، ولو كانت المقدمة الكاذبة معتبرة في معنى المقام لقال المصنف في الفرق بين الصورتين المذكورتين إن أمر النقل في صورة القلة كذا وفي صورة التحول بعد القضاء كذا تأمل تقف .