[ ص: 214 ] فصل في الذهب ( ليس فيما دون عشرين مثقالا من الذهب صدقة . فإذا كانت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال ) لما روينا [ ص: 215 ] والمثقال ما يكون كل سبعة منها وزن عشرة دراهم وهو المعروف ( ثم في كل أربعة مثاقيل قيراطان ) لأن الواجب ربع العشر وذلك فيما قلنا إذ كل مثقال عشرون قيراطا ( وليس فيما دون أربعة مثاقيل صدقة ) عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وعندهما تجب بحساب ذلك وهي مسألة الكسور ، وكل دينار عشرة دراهم في الشرع فيكون أربعة مثاقيل في هذا كأربعين درهما .
قال ( وفي تبر الذهب والفضة وحليهما وأوانيهما الزكاة ) وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا تجب في حلي النساء وخاتم الفضة للرجال لأنه مبتذل في مباح فشابه ثياب البذلة . [ ص: 216 ] ولنا أن السبب مال نام ودليل النماء موجود وهو الإعداد للتجارة خلقة ، والدليل هو المعتبر بخلاف الثياب .
( قوله والمثقال ما يكون إلخ ) قيل هو دور لأنه أخذ كلا من المثقال والدرهم في تعريف آخر فتوقف تصور كل منهما على تصور الآخر . وجوابه أنه لم يذكر هذا تعريفا لأنه قال وهو المعروف ، فأفاد أن المثقال المعروف الذي تداوله الناس وعرفوه مثقالا ، وهذا تصريح بأنه لا حاجة إلى تعريفه كما لا يعرف ما هو بديهي التصور إذ تحصيل الحاصل محال ، فكان قوله والمثقال ما يكون كل سبعة منها وزن عشرة إنما هو لإزالة توهم أن يراد بالمثقال غير المذكور في تعريف الدرهم ، فحاصل كلامه حينئذ أنه قال : والمراد بهذا المثقال ذاك الذي تقدم وهو المعروف عند الناس لا شيء آخر ، وهذا إن شاء الله تعالى أحسن مما حاول في النهاية وغيرها من الدفع مما لو أوردته أدى إلى طول مع أنه لا يتم بأدنى تأمل .
( قوله وكل دينار عشرة دراهم في الشرع ) أي مقوم في الشرع بعشرة كذا كان في الابتداء ، فإذا ملك أربعة دنانير فقد ملك ما قيمته أربعون درهما مما لا يتوقف الوجوب فيه على نية التجارة فيجب فيه قدر الدرهم وهو قيراطان بناء على اعتبار الدينار عشرين قيراطا ، فلا يرد ما أورده بعضهم عليه في هذا المقام ( قوله وحليهما ) سواء كان مباحا أو لا حتى يجب أن يضم الخاتم من الفضة وحلية السيف والمصحف وكل ما انطلق عليه الاسم ( قوله فشابه ثياب البذلة ) حاصله قياس الحلي بثياب البذلة بجامع الابتذال في مباح ودفعه اعتبار ما عينه مانعا من الوجوب في الفرع ، وإن كان مانعا في الأصل ، وذلك لأن مانعيته في الأصل بسبب أنه يمنع وجود السبب بمنع جزئه : أعني النماء لا لذاته ولا لأمر آخر ، ومنعه ذلك في النقدين منتف لأنهما خلقا ليتوصل بهما إلى الإبدال ، وهذا معنى الاستنماء فقد خلقا للاستنماء ولم يخرجهما الابتذال عن ذلك ، فالنماء التقديري حاصل وهو المعتبر للإجماع على عدم توقف الوجوب الحقيقي ، وإذا انتفت مانعيته عمل السبب عمله وهذا معنى ما في الكتاب ، ثم المنقولات من العمومات والخصوصات تصرح به .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16383المنذري : لعل الترمذي قصد الطريقين اللذين ذكرهما وإلا فطريق أبي داود لا مقال فيها . وقال ابن القطان بعد تصحيحه لحديث أبي داود : وإنما ضعف الترمذي هذا الحديث لأن عنده فيه ضعيفين nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة والمثنى بن الصباح .
وقول عبد الحق لا يحتج به قول لم يقله غيره . وممن أنكر عليه ذلك الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ، ونسبه في ذلك إلى التحامل ، وقول ابن الجوزي محمد بن المهاجر . قال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : يضع الحديث على الثقات . قال صاحب التنقيح فيه : هذا وهم قبيح ، فإن محمد بن المهاجر الكذاب ليس هو هذا ، فهذا الذي يروي عن ثابت بن عجلان ثقة شامي أخرج له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، ووثقه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وابن معين وأبو زرعة nindex.php?page=showalam&ids=15863ودحيم وأبو داود وغيرهم .
وعتاب بن بشير وثقه ابن معين وروى له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري متابعة .
وأما ما روي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=33892ليس في الحلي زكاة } قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : باطل لا أصل له ، إنما يروى عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر من قوله : وأما الآثار المروية عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وعائشة وأسماء بنت الصديق فموقوفات ومعارضات بمثلها عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه كتب إلى nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما : أن مر من قبلك من نساء المسلمين أن يزكين حليهن ولا يجعلن الزيادة والهدية [ ص: 217 ] بينهن تقارضا .
رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة وعن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : في الحلي الزكاة ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق . وعن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو أنه كان يكتب إلى خازنه سالم أن يخرج زكاة حلي بناته كل سنة . رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عنه أنه كان يأمر نساءه أن يزكين حليهن .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس وعبد الله بن شداد أنهم قالوا : في الحلي الزكاة . زاد ابن شداد : حتى في الخاتم .
وأخرج عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي أنهم قالوا : مضت السنة أن في الحلي الذهب والفضة الزكاة . وفي المطلوب أحاديث كثيرة مرفوعة غير أنا اقتصرنا منها على ما لا شبهة في صحته ، والتأويلات المنقولة عن المخالفين مما ينبغي صون النفس عن أخطارها والالتفات إليها . وفي بعض الألفاظ ما يصرح بردها ، والله سبحانه أعلم . واعلم أن مما يعكر على ما ذكرنا ما في الموطإ عن nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها فلا تخرج من حليهن الزكاة ، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة راوية حديث الفتخات ، وعمل الراوي بخلاف ما روى عندنا بمنزلة روايته للناسخ فيكون ذلك منسوخا . ويجاب عنه بأن الحكم بأن ذلك للنسخ عندنا هو إذا لم يعارض مقتضى النسخ معارض يقتضي عدمه ، وهو ثابت هنا فإن كتابة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلى الأشعري تدل على أنه حكم مقرر ، وكذا من ذكرناه معه من الصحابة . فإذا وقع التردد في النسخ ، والثبوت متحقق لا يحكم بالنسخ هذا كله على رأينا . وأما على رأي الخصم فلا يرد ذلك أصلا ، إذ قصارى فعل عائشة قول صحابي وهو عنده ليس بحجة لو لم يكن معارضا بالحديث المرفوع ، وعمل الراوي بخلاف روايته لا يدل على النسخ بل العبرة لما روى لا لما رأى عنده . ولا يقال : إنما لم تؤد من حليهن لأنهن يتامى ، ولا زكاة على الصبي لأن مذهبها وجوب الزكاة في مال الصبي فلذا عدلنا في الجواب إلى ما سمعت ، والله سبحانه أعلم .
هذا ويعتبر في المؤدى الوزن عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد الخيرية ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر القيمة ، فلو أدى عن خمسة جياد خمسة زيوفا جاز عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف وكره ، ولا يجوز عند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر فيؤدى الفضل ، ولو أدى أربعة جيدة عن خمسة رديئة لا يجوز إلا عن أربعة عند الثلاثة لاعتبار nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد الخيرية واعتبارهما القدر ، ويجوز عند nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر للقيمة ، والله أعلم .