كيفية الإدغام
أما كيفيته فهي جعل المدغم وهو الحرف الأول من جنس المدغم فيه وهو الحرف الثاني، فمثلا إذا أدغمت النون في اللام أو في الراء في نحو:
من لدنا [الكهف: 65]
من رزق الله [البقرة: 60] فتقلب النون لاما في المثال الأول وراء في المثال الثاني، وتدغم اللام في اللام والراء في الراء، وحينئذ يصير النطق بلام مفتوحة مشددة بعد الميم في
من لدنا [الكهف: 65] وبراء مكسورة مشددة بعد الميم في
من رزق الله [البقرة: 60].
ومن ثم يتضح أن هذه الكيفية تمت بعملين هما: قلب المدغوم وهو الحرف الأول من جنس المدغم فيه وهو الحرف الثاني، ثم إدغامه في المدغم فيه، وهذان العملان فيما إذا كان الإدغام في غير المثلين.
أما إذا كان الإدغام في المثلين فكيفيته تتم بعمل واحد، وهو إدغام الأول في الثاني
[ ص: 233 ] كالفاء في نحو:
فلا يسرف في القتل [الإسراء: 33].
وكل من العملين اللذين في إدغام غير المثلين والعمل الواحد الذي في إدغام المثلين فيما إذا سكن الحرف الأول من المثلين أو المتقاربين أو المتجانسين.
أما إذا تحرك الحرفان في كل من الثلاثة فتتم كيفية الإدغام بعملين اثنين في المثلين وبثلاثة أعمال في المتقاربين والمتجانسين.
أما عملا إدغام المثلين فهما تسكين المدغم ثم إدغامه في المدغم فيه كالميمين في نحو:
الرحيم مالك [الفاتحة: 3 - 4] وحينئذ يصير النطق بميم واحدة مفتوحة مشددة بعد الياء المدية.
وأما الأعمال الثلاثة التي في إدغام المتقاربين والمتجانسين فهي قلب المدغم من جنس المدغم فيه، ثم تسكينه، ثم إدغامه في المدغم فيه، مثال إدغام المتقاربين القاف في الكاف من نحو:
خلقكم [البقرة: 21].
ومثال إدغام المتجانسين التاء المثناة فوق في الطاء المهملة في نحو:
وأقم الصلاة طرفي النهار [هود: 114] وهنا يصير النطق في
خلقكم [البقرة: 21] بكاف واحدة مضمومة مشددة بعد اللام، وبطاء واحدة مفتوحة مشددة بعد ألف المد المعانقة للام في
وأقم الصلاة طرفي [هود: 114].
وهنا يتضح جليا أن المدغم في الأمثلة الوارد ذكرها في كيفية الإدغام هذه لم يبق له أثر لاستهلاكه في المدغم فيه، كما هو واضح في النطق، والله أعلم.
أقسام الإدغام
أما أقسامه فاثنان: صغير وكبير:
فالصغير هو إدغام ساكن في متحرك كإدغام التاء في الدال في نحو:
[ ص: 234 ] حصدتم [يوسف: 47] والميم في الميم في نحو:
كم من فئة [البقرة: 249] والقاف في الكاف من
ألم نخلقكم [المرسلات: 20].
وسمي صغيرا لقلة أعمال المدغم حال الإدغام بالنسبة للكبير، وقيل: لكونه إدغام ساكن في متحرك.
والكبير: هو إدغام متحرك في متحرك كإدغام اللام في اللام في نحو: " جعل لكم " والتاء المثناة فوق في السين وفي الطاء المهملتين في نحو: " الصالحات سندخلهم " [النساء: 57، 122] و
الصالحات طوبى [الرعد: 29].
وسمي كبيرا لكثرة أعمال المدغم، وقد تقدم آنفا تفصيل ذلك أثناء الكلام على كيفية الإدغام، وقيل: لكونه إدغام متحرك في متحرك، وقيل: لكثرة وقوعه، وقيل: لتأثيره في إسكان المتحرك قبل إدغامه، وقيل: لشموله المثلين والمتقاربين والمتجانسين، وقيل غير ذلك.