وقوله - عز وجل -:
ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا ؛ موضع " أن " : نصب بمعنى " عرضة " ؛ المعنى: لا تعرضوا باليمين بالله في أن تبروا؛ فلما سقطت " في " ؛ أفضى لمعنى الاعتراض؛ فنصب " أن " ؛ وقال غير واحد من النحويين: إن موضعها جائز أن يكون خفضا؛ وإن سقطت " في " ؛ لأن " أن " ؛ الحذف معها مستعمل؛ تقول: " جئت لأن تضرب زيدا " ؛ و " جئت أن تضرب زيدا " ؛ فحذفت اللام مع " أن " ؛ ولو قلت: " جئت ضرب زيد " ؛
[ ص: 299 ] تريد: " لضرب زيد " ؛ لم يجز كما جاز مع " أن " ؛ لأن " أن " ؛ إذا وصلت دل ما بعدها على الاستقبال؛ والمعنى: كما تقول: " جئتك أن ضربت زيدا " ؛ و " جئتك أن تضرب زيدا " ؛ فلذلك جاز حذف اللام؛ وإذا قلت: " جئتك ضرب زيد " ؛ لم يدل الضرب على معنى الاستقبال؛ والنصب في " أن " ؛ في هذا الموضع؛ هو الاختيار عند جميع النحويين؛ ومعنى الآية أنهم كانوا يعتلون في البر بأنهم حلفوا؛ فأعلم الله أن الإثم إنما هو في الإقامة على ترك البر والتقوى؛ وأن اليمين إذا كفرت فالذنب فيها مغفور؛ فقال - عز وجل -:
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم ؛ فقيل في معنى " اللغو " ؛ غير قول؛ قال بعضهم: معناه: " لا والله " ؛ و " بلى والله " ؛ وقيل: إن معنى " اللغو " : " الإثم " ؛ فالمعنى: لا يؤاخذكم الله بالإثم في الحلف إذا كفرتم؛ وإنما قيل له: " لغو " ؛ لأن الإثم يسقط فيه إذا وقعت الكفارة.