وقوله - عز وجل -:
وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ؛
[ ص: 328 ] أي: قد أجابكم إلى ما سألتم؛ من بعث ملك يقاتل؛ وتقاتلون معه؛ و " طالوت " ؛ و " جالوت " ؛ و " داود " ؛ لا تنصرف؛ لأنها أسماء أعجمية؛ وهي معارف؛ فاجتمع فيها شيئان؛ التعريف والعجمة؛ وأما " جاموس " ؛ فلو سميت به رجلا لانصرف؛ وإن كان عجميا؛ لأنه قد تمكن في العربية؛ لأنك تدخل عليه الألف واللام؛ فتقول: " الجاموس " ؛ و " الراقود " ؛ فعلى هذا قياس جميع الباب. وقوله - عز وجل -:
أنى يكون له الملك علينا ؛ أي: من أي جهة يكون ذلك؟
ولم يؤت سعة من المال ؛ أي: لم يؤت ما تتملك به الملوك؛ فأعلمهم الله أنه
اصطفاه ؛ ومعناه: اختاره؛ وهو " افتعل " ؛ من " الصفوة " ؛ والأصل: " اصتفاه " ؛ فالتاء إذا وقعت بعد الصاد؛ أبدلت طاء؛ لأن التاء من مخرج الطاء؛ والطاء مطبقة؛ كما أن الصاد مطبقة؛ فأبدلوا الطاء من التاء؛ ليسهل النطق بما بعد الصاد؛ وكذلك " افتعل " ؛ من " الضرب " : " اضطرب " ؛ ومن " الظلم " : " اظطلم " ؛ ويجوز في " اظطلم " ؛ وجهان آخران؛ يجوز: " اطلم " ؛ بطاء مشددة غير معجمة؛ و " اظلم " ؛ بظاء مشددة؛ قال
زهير :
هو الجواد الذي يعطيك نائله ... عفوا ويظلم أحيانا فيظطلم
و " فيطلم " ؛ و " فيظلم " ؛ أعلمهم الله أنه اختاره؛ وأنه قد زيد في العلم؛ والجسم؛ بسطة؛ وأعلمهم أن العلم هو الذي به يجب أن يقع الاختيار؛ ليس أن الله - جل وعز -
[ ص: 329 ] لا يملك إلا ذا مال؛ وأعلم أن الزيادة في الجسم مما يهب به العدو؛ وأعلمهم أنه يؤتي ملكه من يشاء؛ وهو - جل وعز - لا يشاء إلا ما هو الحكمة والعدل. وقوله - عز وجل -:
والله واسع عليم ؛ أي: يوسع على من يشاء؛ ويعلم أين ينبغي أن تكون السعة.