وقوله - عز وجل -:
يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي ؛ بضم الباء؛ وقد رويت عن عاصم " بيوت " ؛ بكسر الباء؛ وعن جماعة من أهل
الكوفة؛ وليس يروي البصريون " بيوت " ؛ بكسر الباء؛ بل يقولون: إن الضم بعد الكسر ليس موجودا في كلام العرب؛ ولا في أشعارها؛ والذين كسروا فكأنهم ذهبوا إلى إتباع الياء؛ والاختيار عند الكوفيين الضم في " بيوت " ؛ وقوله:
إلا أن يؤذن لكم إلى طعام ؛ في موضع نصب؛ المعنى: " إلا بأن يؤذن لكم " ؛ أو " لأن يؤذن لكم " ؛ وقوله:
إلى طعام غير ناظرين إناه ؛ " إناه " : نضجه؛ وبلوغه؛ يقال: " أنى؛ يأني؛ إناء " ؛ إذا نضج؛ وبلغ؛ و " غير " ؛ منصوبة على الحال؛ المعنى: " إلا أن يؤذن لكم غير منتظرين " ؛ ولا يجوز الخفض في " غير " ؛ لأنها إذا كانت نعتا للطعام؛ لم يكن بد من إظهار
[ ص: 235 ] الفاعل؛ لا يجوز إلا: " غير ناظرين إناه أنتم " . وقوله - عز وجل -:
ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم ؛ ويجوز: " فيستحي منكم " ؛ بياء واحدة؛ وكذلك قوله:
والله لا يستحيي من الحق ؛ و " يستحي " ؛ بالتخفيف؛ على " استحييت " ؛ و " استحيت " ؛ والحذف لثقل الياءين؛ وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتمل إطالتهم كرما منه؛ فيصبر على الأذى في ذلك؛ فعلم الله من يحضره الأدب؛ فصار أدبا لهم ولمن بعدهم؛ وقوله:
وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ؛ أي: إذا أردتم أن تخاطبوا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر؛ فخاطبوهن من وراء حجاب؛ فنزل الأمر بالاستتار؛ وقوله:
وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ؛ أي: ما كان لكم أذاه في شيء من الأشياء؛
ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ؛ موضع " أن " ؛ رفع؛ المعنى: " وما كان لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده " ؛ وذلك أنه ذكر أن رجلا قال: إذا توفي محمد تزوجت امرأته فلانة؛ فأعلم الله أن ذلك محرم؛ بقوله:
إن ذلكم كان عند الله عظيما ؛ أي: كان ذنبا عظيما؛